عمرو الشوبكي
معارضة الإخوان للنظام الحالى أحد أسباب قوته، لأنها ليست لها علاقة بالمعارضة التي عرفتها مصر أو أي بلد في العالم، فهى معارضة ترغب في هدم البلد على رؤوس من فيه، ولا يهم أن يموت الآلاف أو تنهار الدولة، إنما المهم عودة الجماعة للسلطة ولو على دماء المصريين.
حين يقرأ أو يسمع الناس ما يقوله الإخوان بحق النظام الحالى، ويتذكرون السنة السوداء التي حكموا فيها، وحين يقارنون بين مرسى والسيسى فإنهم على استعداد أن يقبلوا النظام الحالى بأخطائه وعيوبه لو كان البديل القابع بعيدا هو الإخوان.
الناس تقبلت، ولو على مضض، قرار رفع أسعار الوقود، ولم يبدوا أي استعداد للتعاطف مع تظاهرات الإخوان، يومى الخميس والجمعة الماضيين، والتى تحاول كل يوم أن توظف القرار لحساباتها الخاصة ودعواتها التحريضية، حتى وصل غسيل المخ بشبابها إلى رفع شعارات من نوع «كفى تفجيرات يا مخابرات»، واستمرار نسج نفس الصورة الوهمية عن الجماعة الربانية التي لا تخطئ بدلا من الاعتراف بجرائم قادتها ومسؤوليتهم عن تلك التفجيرات.
والحقيقة أن انصراف الناس عن الجماعة يرجع إلى أن الأخيرة لم تهتم من الأصل بوجود ظهير شعبى من عدمه، لأن قضيتها لا علاقة لها بالشعب المصرى الذي لم تره حين كانت في السلطة أو المعارضة، إنما قضيتها الوحيدة هي الجماعة وتمكينها الأبدى من السلطة.
رد فعل قادة الجماعة تجاه ما يجرى في مصر ليس مجرد رد فعل فصيل يشعر بالظلم والاضطهاد، إنما هو رد فعل طائفة أو جماعة تخرج نفسها كل يوم عن النسيج الوطنى والمجتمع الذي باتت تكرهه وتشتمه كل يوم.
حجم الشماتة التي أبداها قادة الجماعة وكثير من شبابهم تجاه أي شهيد يسقط من خارج الإخوان مرعب، وتحريضهم اليومى على رجال الشرطة والجيش تجاوز كل حد حتى أصبحت مشكلة الجماعة أعمق من مشكلة مع سلطة قائمة، إنما مع عموم الشعب المصرى، فهى ليست مشكلة مع تيار حزبى أو سياسى وصل للسلطة وعارضه الناس، إنما هي جماعة سرية منغلقة ربت أعضاءها على عزلة شعورية (تعبير سيد قطب) تجاه المجتمع والدولة معا.
إن جرائم كثير من أعضاء الإخوان اليومية وشماتتهم البغيضة في كل نقطة دم تسيل ليست هي موقف عموم الشعب المصرى الذي يحزن لأى ضحية، مهما كان انتماؤها، فما يقوم به الإخوان حاليا من أفعال يدل على حجم الانفصال الوجدانى عن عموم الشعب المصرى نتيجة الخلل في صيغة الجماعة نفسها وفى بنيتها العقائدية والتنظيمية وطريقة تربيتها أعضاءها، فهناك كيان إخوانى يضع أعضاءه في عزلة شعورية منفصلة عن المجتمع في مواجهة وطنية مصرية تلقائية لم ولن يتخلى عنها الشعب المصرى.
معارضة الإخوان هي معارضة من أجل إفشال بلد وليس إصلاحه، وهى معارضة هدم وليست بناء، وهى لا ترغب في تصحيح أخطاء أو مواجهة أوجه قصور، إنما الشماتة في أي خطأ وأى تقصير، وهو ما دفع كثيرا من الناس ممن لهم انتقادات كثيرة على المسار الحالى إلى أن يتغاضوا عنها، لأنهم يشعرون بأن نقدهم يوظفه الإخوان لصالح الهدم وليس الإصلاح.
على الحكومة أن تشكر الجماعة، لأن وجودها مثَّل عامل استقرار ودعم لأى نظام حكم في مصر، مهما كانت عيوبه ومثالبه.