من أمريكا 23

من أمريكا (2-3)

من أمريكا (2-3)

 العرب اليوم -

من أمريكا 23

عمرو الشوبكي

كثيراً ما نسمع كلمات من نوع النفعية أو العملية (Pragmatic) الأمريكية، وهى أمور درسها علماء الاجتماع ولا يستطيع كاتب بقى فى مجتمع 8 أيام على زيارتين فى 8 سنوات إلا أن يقول كلاماً انطباعياً، ويترك لعلماء الاجتماع الكلمة العليا.

هناك جزء عملى واضح فى ثقافة المجتمع الأمريكى يدور حول الإنجاز والمضمون بعيداً عن الشكليات والمظاهر، وهناك جانب آخر يتعلق بثراء لافت وقدر من «الكرم الغربى» المحسوب عند الأمريكيين مقارنة بنظرائهم الأوروبيين.

إن المحال التجارية الكبرى أو حتى الفنادق أو السيارات الفارهة تفاصيل الراحة فيها عند الأمريكيين غير مهمة، إنما الأهم هو ضخامة حجمها وقدرتها على السير بسرعة، أما مبانى واشنطن الضخمة أو ناطحات سحاب نيويورك فلا يوجد اهتمام بشكلها الجمالى على الطريقة الفرنسة أو الإيطالية ولا بملمحها الفنى إنما بإبهار الضخامة، وحتى الإعلانات المنتشرة فى شوارع مانهاتن بنيويورك لا يوجد فيها مشهد جمالى واحد ينسق بينها إنما إبهارها فى ضخامتها وكثرة عددها وقدرتها على جذب المستهلكين.

المحال الأمريكية الكبرى التى تبيع الماركات الكبيرة والمتوسطة أسعارها أقل من نصف أسعار نظيراتها فى أوروبا والعالم العربى، فنظرية الشوبنج المتأصلة فى ثقافتنا ستجد سيدات مصر والعالم العربى «مجالاً حيوياً» لها فى أمريكا وتطبيقاً عملياً لكل فرص الشراء التى سيتحسر فيها الرجال.

لا أنكر أنى طبقت هذه النظرية وقضيت تقريباً ساعة لشراء كل ما أريد لى ولأسرتى، على عكس تطبيق الزيجات الذى سيعنى عملياً قضاء أيام وليالٍ فى شوبنج المتاجر الأمريكية.

هذه المحال لا تهتم بطريقة تغليف ما تشتريه، فهى أكياس أشبه بأكياس الجمعيات الاستهلاكية فى مصر بعد تحسينها، فهذه أمور شكلية تركوها للفرنسيين يقومون بها، فهم يغلفون لك سلعة عادية فى قالب أنيق وفاخر ورومانسى، وتدفع فيها أضعاف السعر الذى تدفعه فى أمريكا، ونفس الأمر بالنسبة للبائعين، فليس مهماً أن يكونوا مدربين تدريباً عالياً مثلما تجد فى كبار المتاجر الأوروبية ويأخذوا راتباً مرتفعاً إنما المهم أن يؤدوا المهمة وتحصل على ما تريد بسعر رخيص بعيداً عن «الشكليات».

ذكر لى أحد الأصدقاء المصريين أنه كان فى عشاء فى باريس ضم نواباً فى الكونجرس ودبلوماسيين وصحفيين أمريكيين كباراً، وشاهد كيف تعاملوا مع الحساء الساخن بأن وضعوا قطعاً من الثلج فيه حتى يشربوه بسرعة فليس مهما طعمه إنما إنجاز المهمة بإتمام عملية الأكل والشراب بأسرع هو الأهم، ولم يدهشنى صديقى حين قال لى إنه كان معهم وزير فرنسى سابق كاد يغمى عليه من هذا التصرف.

المجتمع الأمريكى مجتمع بالغ الثراء ولكن به تفاوتات طبقية صادمة، وفشل أوباما فى وضع نظام للتأمين الصحى المتكامل مشابه لما هو موجود فى أوروبا رغم محاولاته الجادة وإصراره على إحداث تحول تاريخى فى النموذج الأمريكى ووجود أغلبية ديمقراطية سابقة معه فى الكونجرس.

عملياً النظام الأمريكى يقول لك: نحن نعطيك كل الفرص لكى تصبح قوياً وغنياً، وإذا فشلت فى ذلك فهذه مشكلتك، لن يتعاطف معك النظام إنما الجمعيات الخيرية والمبادرات الأهلية. وحين حاول أوباما تغيير تلك النظرة فشل لأنه اكتشف أن الموضوع أكبر من قرار رئاسى إنما له علاقة بثقافة بلد.

arabstoday

GMT 06:30 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة إوهام إيران والإخوان

GMT 06:26 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

«هزيمة» أم «تراجع»؟

GMT 06:24 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

رجل لا يتعب من القتل

GMT 06:20 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

عصر الترمبية

GMT 06:19 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

السعودية وهندسة تبريد المنطقة

GMT 06:17 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

قراءة لمسار التفاوض بين واشنطن وطهران

GMT 05:42 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

حرب غزة... مأزق «حماس» وإسرائيل معاً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أمريكا 23 من أمريكا 23



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:34 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

قطة تثير ضجة بين الصحفيين في البيت الأبيض

GMT 02:02 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

زلزال قوته 5.5 درجة يهز جزيرة سيرام الإندونيسية

GMT 01:44 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

إسرائيل تلغي تأشيرات 27 برلمانيا فرنسيا

GMT 01:54 2025 الإثنين ,21 إبريل / نيسان

واتساب سيتيح قريبًا ترجمة الرسائل داخل الدردشة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab