وإذا عادت الكرّة

وإذا عادت الكرّة

وإذا عادت الكرّة

 العرب اليوم -

وإذا عادت الكرّة

عمرو الشوبكي

إذا عادت الكرة للقوى السياسية وأصبحت هى التى تقدم للشعب المصرى مرشحين أقوياء لرئاسة الجمهورية وتشكل الحكومة وتدير خلافاتها تحت سقف المصلحة الوطنية، هل ستنجح فى مهمتها، أم أن الأمر يتطلب تغييرا فى بنية الأحزاب وفى قدرتها على التأثير وأيضا فى قدرة المجتمع على تنظيم نفسه فى مبادرات أهلية واجتماعية وسياسية حتى يقدم بديلاً لفكرة «التنظيم الجاهز» الذى تقدمه المؤسسة العسكرية فى إدارة الشأن العام والسياسى؟

معضلة ما جرى بعد ثورة يناير أن البعض اختزل قوته فى الصوت الاحتجاجى فأثر بعض الوقت على المشهد السياسى دون أن يمتلك أى قدرة على بناء بديل مقنع للناس، وتحولت سنوات الاحتجاج والفعاليات الثورية إلى مجال لتفريغ الطاقة، وفى نفس الوقت خلق رأى عام واسع مضاد لها.

وفى نفس الوقت حافظ طرفا البديل الجاهز، أى الإخوان المسلمين والجيش (رغم ما بينهما من فارق)، على وجودهما وتماسكهما، فالأول حافظ على قوته التنظيمية وانتهز فرصة يناير ليقتنص السلطة، والثانى حافظ على تماسكه وقوته رغم استهدافه من قوى داخلية وخارجية كثيرة، وفرغت الساحة السياسية من قواها الحية والفاعلة إلا من تنظيم الإخوان، وترهلت الدولة وكانت على شفا التفكك إلا من نواتها الصلبة أى المؤسسة العسكرية.

ولأن الإخوان فشلوا فى الحكم والمعارضة، ولأن الشعب ثار عليهم وأسقطهم، فلم يجد الناس تيارا أو حزبا سياسيا مدنيا واحدا قويا قادرا على حكم البلاد أو تقديم مرشح قادر على المنافسة، وثقة من الناس فى المؤسسة العسكرية اختاروا مرشحها أو رجل النظام العام وعودة هيبة الدولة وغيرها من المفردات التى راجت نتيجة سنوات الفوضى والخوف من الانهيار.

ولذا كل من يتصور أن الجيش يهبط على الحياة السياسية فى مصر منذ ثورة يوليو 52 فجأة أو من كوكب آخر واهم، لأن السبب الرئيسى وراء تدخله هو ضعف المجتمع وتعثر الأحزاب والقوى السياسية ووجود أخطار حقيقية تهدد كيان الدولة والمجتمع كما جرى بعد ثورة يناير.

وقد يرى البعض أن رؤساء مصر الذين جاءوا من خلفيات عسكرية أضعفوا المجتمع وهمشوا من دور الأحزاب، وهو صحيح يقينا طوال عهد مبارك ولم يتغير فى عهد السيسى، على خلاف عصر عبدالناصر الذى أسس مشروعا سياسيا يقوم على الحزب الواحد وينتمى إلى مفردات عصر التحرر الوطنى والاستقلال، كما فعلت كل دول العالم الثالث باستثناء الهند.

والحقيقة أن ضعف القوى السياسية أو إضعافها نتيجته العملية واحدة وهى أن مهمتها مركبة أى تبنى نفسها وتغير البيئة غير السياسية المحيطة بها (كما جرى فى تجارب كثيرة حكمها رؤساء من خلفيات عسكرية) وليس التباكى على دور النظام فى إضعافها، إنما فى أن تبنى بشكل تدريجى قوتها السياسية على مشروع غير احتجاجى يبنى تنظيما ينتج سياسات بديلة.

إن علاقة الجيش بالعملية السياسية فى مصر مركبة، ولكن أحد جوانبها هو أزمة القوة السياسية نفسها وضعفها وهشاشة بنيتها التنظيمية، وأن كل من يتصور أن الحل فى تغيير رأس السلطة لصالح الفراغ الذى ملأه مرة الإخوان فكانت كارثة، ولن يقبل الناس أن يكون أى تغيير قادم لصالح الفوضى ولا النظام.

لا تتوقعوا أن يشجع الرئيس الأحزاب ولا القوى السياسية، وسيظل يعتبر البرلمان أمرا هامشيا، وقانون الانتخابات أمرا ثانويا و«فوق البيعة»، فهل سنستمر فى البكائيات، أم نعترف بأن وجود رئيس قادم من الدولة ومن خارج الأحزاب هو نتاج ضعفها، وعليها أن تغير المعادلة التى أنتجت هذا الوضع أولاً ولا تكتفى برفضها؟

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وإذا عادت الكرّة وإذا عادت الكرّة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab