مكرم محمد أحمد
أتمنى على الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر الجليل أن يقوم هو الآخر بزيارة افريقية تركز على مناطق التخوم وسط القارة، حيث يتعايش المسلمون والمسيحيون والوثنيون فى عدد من الدول يخترقها حزام سكانى عريض، تتواصل فيه العلاقات بين سكان الشمال المسلم وسكان الجنوب المسيحى فى سماحة وإخاء، إلى ان نجحت قوى التآمر فى اشعال فتن اهلية ضارية كادت تقسم هذه الدول وتهدد وحدتها الوطنية.
ولست أشك فى ان الشيخ الاكبر سوف يلقى فى هذه الزيارة الافريقية حفاوة بالغة من المسيحيين والمسلمين على حد سواء، تماثل الحفاوة التى لقيها الحبر الاعظم فرانسيس بابا روما، الذى ملك شجاعة ان يعبر المنطقة الفاصلة فى الحرب الاهلية بين المسلمين والمسيحيين سيرا على الاقدام، وخلع نعليه وهو يتأهب لزيارة احد مساجد المسلمين فى بانغى عاصمة افريقيا الوسطي،وسط تهليل المسلمين الافارقة وتكبيرهم الذين رفعوا علم الفاتيكان وسط مسجدهم تحية للحبر الاعظم، الذى اكد فى عظته التى القاها داخل المسجد رسالة انسانية بالغة الدلالة، تؤكد ان المسيحيين والمسلمين اخوة واخوات، يؤمنون باله واحد ومصير انسانى واحد،ومن واجبهم الوطنى ان يحافظوا على امن وسلامة هذه البلاد، ويهزموا معا مشاعر الكراهية والعنف والرغبة فى الثأر.
وحاشا لله ان يكون هدف زيارة الشيخ الاكبر لافريقيا محاكاة زيارة البابا او منافستها، وإن كان من المؤكد ان زيارته سوف تكمل زيارة البابا، وتتم رسالتهما المشتركة إلى كل مناطق التخوم الاسلامية المسيحية وسط افريقيا، بان المسيحيين والمسلمين اخوة واخوات، اتباع ديانات سماوية تعتقد فى وحدانية الخالق ووحدة المصير الانساني.. وسوف يكون جميلا ان يزور شيخ الازهر كنيسة مسيحية، ليس ردا على زيارة بابا روما لمسجد العاصمة بانغي، ولكن من اجل ان تكتمل رسالة انسانية واحدة هدفها احترام مقدسات كل الاديان السماوية والعودة إلى الينابيع الاولي، عندما كان المسلمون والمسيحيون الافارقة يتعايشون ويتجاورون فى امن وسلام، ويتبادلون الزراعة والرعى فى رحلتى الشتاء والصيف فى ود بالغ لم يعرف الصراع المسلح.. وسوف يساعد على نجاح زيارة شيخ الازهر جاليات كبيرة مسلمة تعيش فى كينيا وتنزانيا واوغندا وإريتريا وكل دول وسط افريقيا يعمل اغلبهم فى التجارة والرعى، ودرس معظم علمائهم فى الازهر الذى يشكل المرجعية الغالبة لمعظم مسلمى افريقيا لوسطيته واعتداله.