مكرم محمد أحمد
لفترة طويلة اعتبر المصريون الدولار مخزن قيمة، يحافظون على جزء مهم من مدخراتهم بالدولار رغم تدنى سعر الفائدة، لأنهم يعتقدون ان الدولار فى حد ذاته مخزن قيمة لا يتعرض لمخاطر جسيمة،
لكن مع إقبال المصريين المنقطع النظير على شراء شهادات استثمار قناة السويس بمعدل جاوز8 مليارات جنيه فى اليوم الواحد،تخلى المصريون عن حرصهم على مدخراتهم الدولارية، لمصلحة شهادات استثمار قناة السويس التى يصل عائدها إلى حدود 12%، ليصبح مخزن القيمة الجديد مشروعا استثماريا وطنيا ضخما، يثق المصريون بجدواه الاقتصادية، وتضمن الحكومة اصوله وعائده.
وربما تكون تلك هى المرة الاولى فى تاريخ مصر الاقتصادى منذ عقود طويلة التى يعتمد فيها الاكتتاب فى مشروع استثمارى ضخم على مساهمات المصريين اسرا وافرادا، حيث بلغت نسبة الإسهام الشعبى 90% من حجم الاكتتاب، بينما هبط نصيب الشركات والبنوك والمؤسسات الاقتصادية إلى حدود 10%، عكس ما كان يحدث دائما، عندما كانت المؤسسات الحكومية والبنوك هى التى تغطى الجزء الأكبر من اذون الخزانة المطروحة فى الاسواق..، وأظن أن من حق المصريين أن يفخروا بهذا الانجاز الكبير الذى توج المائة يوم الأولى من حكم الرئيس السيسي، لأن ما حدث يعنى ان المصريين أكثر تفاؤلا بمستقبلهم، وان قرارت رفع الدعم البترولى بنسبة 20% لم تؤثر سلبيا على علاقة الثقة الفريدة بين السيسى وشعبه، وان المصريين جاهزون لتكرار تجربة شهادات قناة السويس فى مشروعات التنمية الضخمة التى يثبت صدق جدواها الاقتصادية، وقدرة الادارة المصرية على النهوض بها فى إطار شفاف يضمن النزاهة ودقة الحساب، خاصة ان الاكتتاب الشعبى يمكن أن يقلل من حاجة مصر إلى الاقتراض الخارجي،ويمكنها من النهوض بمشروعات ضخمة فى مقدمتها مشروعات الطاقة بكل صنوفها نظرا لجدواها الاقتصادية العالية ولأن الحكومة ملتزمة بشراء كل إنتاجها.