مك
كان الأمل أن يعلن المبعوث الأممى الى ليبيا برناردينو ليون عن توافق كل أطراف المشكلة الليبية على برنامج عمل واضح، ينبذ العنف والتطرف، ويضمن استقرار الدولة الليبية، ويؤكد مدنيتها واستقلالها ووحدة ترابها الوطني، ويرسم ضوابط واضحة تجعل ثروتها البترولية ملكا للشعب الليبى بأكمله لا يجوز التصرف فيها على أسس جهوية أو قبلية، ويلتزم بانهاء سطوة الجماعات المسلحة على المدن الليبية فى فترة زمنية محددة، ويحدد وظيفة الجيش الوطنى الليبى والأمن العام فى الحفاظ على أمن البلاد ومنع الارهاب، كما يلزم الجميع احترام القانون، ويضع الضوابط التى تجعل مؤسسات الدولة المركزية مثل البنك المركزى وصناديق الدعم فى خدمة كل الليبيين لا يجوز اخضاعها لتيار سياسى أو فكرى دون الآخر!
لكن المبعوث الأممى أثر أن يتوافق الجميع على عدد من الأسماء الليبية تنتمى الى كل التيارات والجماعات السياسية، يشكلون المجلس الرئاسى وحكومة الوحدة الوطنية ومستشارية الأمن القومي، على أمل أن يتوافق هؤلاء الشخوص على برنامج عمل واضح يحفظ استقرار البلاد وأمنها ووحدتها..، ومع الأسف لم تحظ مقترحات المبعوث الأممى باجماع شامل من كل الأطراف الليبية بل أدت الى حدوث انشقاقات داخل عدد من التيارات والجماعات زاد من اضطراب الوضع وغموضه، وألقى بظلال رمادية على مستقبل هذا التوافق ومدى جدواه وقدرته على ضمان أمن البلاد واستقرارها، خاصة أن تيارين أساسيين هما حزب المؤتمر وجبهة التحالف الوطنى رفضا الاعتراف بما أنجزه المبعوث الأممي..، ومع ذلك أعلنت مصر مساندتها لمشروع الاتفاق كى تؤكد حرصها على قيام دولة ليبية مستقلة تملك السيطرة على كل مقدراتها، لا تستبعد أيا من أطراف الداخل، وترتبط بعلاقات حسن جوار مع جيرانها فى المشرق والمغرب، رغم ضلوع عدد من أفراد جماعة الاخوان ومنظمة فجر فى هذا التشكيل الحكومي.
ولأن مشروع الاتفاق الليبى غير واضح، كما أن تفاصيله لا تضمن التزام كل أطراف الاتفاق بحد أدنى من الشروط يضمن نبذ الارهاب والعنف والحفاظ على استقرار البلاد ووحدتها، تبقى الأخطار الأمنية التى تهدد أمن مصر من داخل ليبيا قائمة وموجودة تتطلب استمرار اليقظة والحذر، كما تتطلب الحسم وسرعة القرار ان تجاوزت هذه الأخطار حدود ليبيا، وأصبحت تمثل بالفعل تهديدا واضحا ومباشرا لأمن مصر، خاصة أن الجميع يعرف أنه حتى فى أحلك اللحظات عندما كان ارهاب داعش يعبر الحدود الليبية ويستهدف مصر بصورة مباشرة، كانت مصر ترفض تجاوز الحدود الليبية لضرب العدوان فى مربضه، وتؤثر الانتظار الى أن يعبر الارهابيون الحدود الليبية لتبدأ معركة دفاعها عن أمن مصر.