مكرم محمد أحمد
لم يكشف الرئيس السيسى، فى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن تفاصيل خطته القادمة (مبادرة الأمل والسلام) لتجنيب الشباب مغبة الانخراط فى شبكات جماعات الإرهاب التى تجندهم لأعمال الهدم والتخريب والعمل ضد مصالح أوطانهم باسم الاسلام، رغم أن الاسلام دين تسامح ومحبة يحض على تآلف القلوب وتعارف الشعوب ويرفض العنف ويلتزم بالموعظة الحسنة..، لكن أى مبادرة من هذا النوع لابد أن توجه أولا الى الشباب المصرى لأنهم الأولى بالرعاية، يدخل ضمن مسئوليات الرئيس السيسى المباشرة إصلاح أحوالهم وتحسين حياتهم وحسن تأهيلهم لمواجهة تحديات عصرهم، ومن خلال الشباب المصرى يمكن أن تنتقل المبادرة الى كل الشباب العربى.
وأظن أن مثل هذه المبادرة ينبغى أن تتجاوز دروس الوعظ والارشاد والتلقين، كما ينبغى ان تتجاوز حوافز الترغيب والترهيب لتصبح عملية تفاعلية حية يشارك فيها من يريد من شباب تيارات جماعات الاسلام السياسى، ابتداء من السلفيين إلى الاخوان المسلمين الى باقى الفروع دون شروط مسبقة، سوى قبول الاحتكام الى العقل فى تفسير غموض النص الدينى، والايمان بأن تعدد الآراء واختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية، ويفيد بأكثر مما يضر لأن فى التنوع قوة، وثالث الشروط ان تبدأ التجربة من خلال الموجودين من هؤلاء الشباب فى السجون المصرية رهن التحقيق أو المحاكمة، يشاركون فى مناظرات وحوارات غير معلنة يسهم فيها علماء متخصصون، وشباب من اتجاهات فكرية مختلفة وشهود عدول يحسنون القول والنصيحة ويلتزمون الموضوعية .
وخاتمة الشروط إسقاط القداسة عن أى فكر انسانى مسبق ابتداء من أفكار ابن تيمية الى حسن البنا وسيد قطب، وقبول اخضاع هذه الأفكار لمناهج التحليل والبحث العلمى والمراجعة النقدية الدقيقة، لأن أى فكر انسانى لا بد أن يقبل بالضرورة التغيير والتطوير والا أصبح فكرا جامدا لا يقدر على مسايرة عصره، لكن الشرط الذى لا غنى عنه، أن يتم ذلك فى الهواء الطلق بعيدا عن أسوار السجون، وأن يكون له تطبيقاته العملية فى خدمة المنطقة والبيئة كى يزداد هؤلاء الشباب التصاقا بواقعهم .