مكرم محمد أحمد
ميزة قرار الدكتور جابر نصار مدير جامعة القاهرة أنه قرار ذكى يحترم الحريات الشخصية للمنتقبات، ويفصل بين حق الاستاذة الجامعية المنتقبة فى أن ترتدى ما تريد احتراما لحريتها الشخصية، وبين واجبها داخل قاعات المحاضرات، وهى تدرس للطلاب والطالبات الذين من حقهم أن يتعرفوا على وجه المحاضر ويتفاعلوا معه..، واذا صح ما اعلنته جامعة القاهرة من أن المدرسات العشر المنتقبات قبلن طوعا تنفيذ أوامر مدير الجامعة، فذلك يعنى نجاح الوصول الى حل توافقى بسيط وصحيح، يحفظ حقوق الاساتذة وحرياتهم الشخصية ويحفظ فى الوقت نفسه حقوق الطلاب، ويخرج الأزمة من جمودها وتصلبها الذى يعكس سيطرة التعصب والرأى الواحد على شرائح عديدة فى المجتمع المصرى باسم الدين والشريعة رغم أن الشرع لا يفرض النقاب على المسلمات.
واذا كان المجتمع المصرى لا يمانع فى حق المنتقبة فى ارتداء النقاب، يصبح من الواجب رفض كل الأوامر والنواهى التى تتعلق بزى المرأة احتراما لحريتها الشخصية، الا أن يخرج الأمر عن نطاق الآداب العامة المرعية، ويتحول الى عمل فاضح فى الطريق العام يعاقب عليه القانون..، ومع الأسف أسرف المتشددون فى قضية النقاب، ورسموا قواعد عديدة لأزياء الرجال والنساء اعتبروها أزياء اسلامية، تشترط طولا محددا للجلباب كما تشترط طولا محددا للحية، ويتم معاقبة المخالفين لهذه القواعد بدعوى أن ذلك ما ينص عليه الشرع رغم وضوح النص الدينى الذى يطلب من المرأة المسلمة الاحتشام فى الزى احتراما لنفسها وجسدها، ورغم أن معظم هؤلاء المتشددين نشأوا فى بيئات ريفية متسامحة لا ترى للنقاب فضيلة خاصة، ويرتدى غالبية نسائها ملابسهن العادية، يكشفن عن وجوههن وأيديهن دون أن يتهمهن أحد بالخروج عن الشرع، لأن النقاب شاع فى مصر خلال العقود الأخيرة نتيجة تعاظم هجرة المصريين للعمل فى دول الخليج وهو فى الأصل عادة بدوية وليست اسلاميةّ!..، وأظن أنه ما من مصرى يرى صورة المصريين والمصريات فى حفلات أم كلثوم على شاشات التليفزيون أو فى تقاطرهم على دور السينما فى القاهرة على امتداد القرن الماضى إلا ويتحسر على ما تبدد من ماض جميل، حافظت فيه السيدة المصرية على شخصيتها بعيدا عن تقليد البداوة، ومارست حريتها الشخصية فى أن تظهر أنيقة ومحترمة دون كلفة أو ادعاء، ومع ذلك يظل الفصل بين حق المنتقبة الشخصى فى ارتداء النقاب احتراما لحريتها الشخصية وبين مسئوليتها تجاه عملها مكسبا مهما ينبغى التمسك به..، شكرا للدكتور جابر نصار على نجاحه فى الفصل بين الحرية الشخصية ومتطلبات العمل العام.