فراق المصالح الأوروبية والأمريكية

فراق المصالح الأوروبية والأمريكية!

فراق المصالح الأوروبية والأمريكية!

 العرب اليوم -

فراق المصالح الأوروبية والأمريكية

بقلم : مكرم محمد أحمد

لا يبدو أن الشرخ الراهن فى العلاقات الأوروبية الأمريكية سوف يندمل قريباً وأغلب الظن أنه سوف يزداد عُمقا واتساعا، وربما تكون قد حانت لحظة فراق المصالح بين أوروبا وأمريكا بما يجعل عودة العلاقات بين الجانبين إلى ما كانت عليه خلال الحرب العالمية الثانية ضرباً من المستحيل، ولا يُبدى المراقبون على الجانبين تفاؤلاً كبيراً بمستقبل العلاقات الأوروبية الأمريكية بعد خيبات أمل عديدة أدت إلى اتساع رقعة الخلافات التى وصلت إلى حد الحرب التجارية المستعرة بين الجانبين بعد أن فرض الرئيس الأمريكى ترامب تعريفة جمركية عالية على واردات أمريكا من الصلب والألومنيوم الأوروبي، وبعد أن اختلفت المواقف السياسية للجانبين حول العديد من القضايا الدولية، آخرها العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، حيث تتهم غالبية دول أوروبا إسرائيل بالإفراط فى استخدام القوة ضد شباب القطاع الذين يتظاهرون فى منطقة السياج الحدودي، وسقط منهم أكثر من 112 شهيداً اصطادهم القناصة الإسرائيليون بصورة تكاد تكون متعمدة، بينما تُصر الإدارة الأمريكية على أن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها وتلوم منظمة حماس لأنها نظمت المظاهرات فى منطقة السياج الحدودي. ورغم أن الأوروبيين يحاولون جهدهم الحفاظ على علاقات قوية مع حكومة الولايات المتحدة على جميع المستويات لكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الإيرانى الذى يعتقد الأوروبيون أنه فى مصلحة الأمن والاقتصاد الأوروبى هبط بمستوى العلاقات الأوروبية الأمريكية إلى المستوى الذى انحدرت إليه بعد الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، وتُشير استطلاعات الرأى العام الألمانى إلى أن ثلثى الألمان يعتبرون أن الرئيس الأمريكى ترامب يُشكل تهديداً لأمن أوروبا أكثر خطورة من تهديدات الرئيس الروسى بوتين، وطبقاً لاستفتاء أعلنته الأسبوع الماضى صحيفة فرانكفورتر الجماندا فإن ثلثى الألمان يرون أن ألمانيا تتحرك بعيداً عن الولايات المتحدة، بل إن مجلة دير شبيجل الألمانية واسعة التأثير لم تتورع عن أن تدعو ألمانيا إلى أن تكون جزءاً من عملية مقاومة النفوذ الأمريكي! إذا ظل ترامب رئيساً للولايات المتحدة فترة ثانية. وربما يكون صعباً تحميل الرئيس الأمريكى ترامب وحده مسئولية الخلل فى العلاقات الأوروبية الأمريكية لأنه قبل مجيء ترامب إلى البيت الأبيض ظهرت فى أمريكا اتجاهات نقدية واضحة لسياسات الأوروبيين فى الدفاع عن أمن أوروبا، وتقاعسهم عن تحمُل مسئولية هذا العبء واعتمادهم المتزايد على الولايات المتحدة، ولا تزال أوروبا تُعانى من نقصا حادا فى بعض القدرات والتخصصات العسكرية!، وثمة ضرورات أمنية مهمة تدفع الأوروبيين إلى تعزيز قدراتهم العسكرية بحيث يتمكنون من تعزيز دفاعاتهم دون أن ينشقوا عن الولايات المتحدة، لكن الحقيقة المهمة التى تُدركها أوروبا أنه سواء كان ترامب يشغل البيت الأبيض أو خارجه فإن الأولويات الأمريكية تغيرت لأن تباين المصالح الاقتصادية واختلافها يُشكل عنصراً حاكماً فى هذه القضية!. وإذا كان السؤال المهم الذى يدور فى رأس كل أوروبى الآن، هل فقد الأوروبيون الولايات المتحدة كحليف استراتيجى إلى الأبد تحت ضغوط المصالح الاقتصادية المتناقضة ؟..، وأظن أن الإجابة الواضحة عن هذا السؤال أن الأوروبيين والأمريكيين ماضون على هذا الطريق لا جدال، وأن الأزمة تزداد اتساعاً، كما أن فجوة المصالح تتسع بصورة يصعُب رتقها أو لملمتها، لأن الرئيس ترامب لم يتردد فى فرض تعريفة جمركية جديدة على الصلب والألومنيوم الأوروبى حفاظاً على مصالح أمريكا الاقتصادية، ولعله هلل مرحباً بالحرب التجارية فى بداياتها لأن أمريكا يمكن أن تكسبها بسهولة، وهذا ما فعله أيضاً الأوروبيون وإن يكُن بصورة أخف حدة عندما اكتشفوا أنهم سوف يخسرون الكثير إذا طاوعوا الرئيس ترامب وانسحبوا من الاتفاق النووى الإيراني. وبسبب النقص الشديد الذى تعانيه أوروبا من جراء انخفاض مخزونها من الطاقة وتزايد حجم استهلاكها ورغبتها فى عدم الاعتماد بالكامل على الاستيراد من روسيا، تسعى أوروبا إلى التحالف مع دول الشرق الأوسط لأن الاعتماد على بترول وغاز شرق المتوسط أكثر أمناً للأوروبيين، وربما يكون ذلك هو الدافع الأساسى وراء الموقف الأوروبى المتخلف عن الموقف الأمريكى فى أحداث غزة، لأن الأمن الأوروبى بات أكثر التصاقاً بالأمن جنوب البحر الأبيض، وأقرب كثيراً من ساحل الأطلنطى بما يكرس الحقيقة الخالدة التى تؤكد أن المصالح هى الأقوى والأشد تأثيراً فى علاقات الدول.

المصدر : جريدة الأهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

GMT 01:05 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

حكاية الحكومات في فلسطين... والرئيس

GMT 02:47 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

لماذا مدح بوتين بايدن؟

GMT 01:26 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

سياسة في يوم عيد الحب

GMT 01:23 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

كوارث التواصل الاجتماعي!

GMT 02:27 2024 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

تستكثرُ علي بيتك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فراق المصالح الأوروبية والأمريكية فراق المصالح الأوروبية والأمريكية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:14 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيلينسكي يرى أن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب
 العرب اليوم - زيلينسكي يرى أن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 العرب اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات فساتين زواج فخمة واستثنائية لعروس 2025

GMT 10:34 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتقاء شهيدين فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمال غزة

GMT 07:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق تذاكر معرض كريستيان ديور مصمم الأحلام

GMT 06:17 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

3 ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط

GMT 05:49 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بين قاهر.. وقاتل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab