لماذا تُعادى إدارة ترامب الشعب الفلسطينى

لماذا تُعادى إدارة ترامب الشعب الفلسطينى؟

لماذا تُعادى إدارة ترامب الشعب الفلسطينى؟

 العرب اليوم -

لماذا تُعادى إدارة ترامب الشعب الفلسطينى

بقلم - مكرم محمد أحمد

نفهم جيدا انحياز الرئيس الأمريكى ترامب إلى إسرائيل، لكن السؤال المهم، لماذا تُصعد إدارته عداءها للشعب الفلسطينى على هذا النحو البالغ القسوة، بدعوى أن منظمة التحرير الفلسطينية لم تقُم بمسئولياتها إزاء دفع المفاوضات المباشرة مع الإسرائيليين، ولأن عناصر فلسطينية تدفع التحقيق ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاي، مع أن الرئيس ترامب هو الذى بادر بعداء الفلسطينيين، عندما أصر على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل منكراً حقوق الشعب الفلسطينى فى المدينة المقدسة على غير إرادة العرب وأغلبية دول العالم، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس يوم المذبحة التى لقى فيها 60 فلسطينياً مصرعهم فى قطاع غزة برصاص الإسرائيليين، بما جعل السلطة الوطنية الفلسطينية ترفض الإبقاء على الولايات المتحدة وسيطاً أوحد فى عملية السلام، وإن كان الرئيس محمود عباس عاد لقبول الدور الأمريكى فى إطار وساطة أوسع تضُم عدداً من القوى الأوروبية، ومع ذلك أعلنت إدارة الرئيس الأمريكى ترامب فى 24 أغسطس الماضى شطب مائتى مليون دولار من المساعدات الأمريكية للفلسطينيين قبل أن تقرر وقف تمويل الأونروا وكالة غوث اللاجئين التى تقدم العديد من خدمات الصحة والتعليم الأساسية للاجئين الفلسطينيين فى غزة والضفة والأردن وسوريا ولبنان بهدف تصفية قضية اللاجئين، بدعوى أن صفة اللاجيء الفلسطينى تنطبق فقط على 250 ألف لاجيء اضطروا للفرار من أراضيهم فى فلسطين تحت إرهاب العصابات الإسرائيلية المُسلحة عام 48، أما أبناؤهم وأحفادهم الذين جاوز عددهم 6 ملايين نسمة فلا يحق لهم أن يكونوا لاجئين رغم أن المجتمع الدولى لم يتمكن من تصحيح أوضاعهم على امتداد هذه السنوات الطوال، هدف إدارة ترامب من ذلك أن تشطب حق العودة الذى كان أهم الدوافع التى أبقت على القضية الفلسطينية موضع اهتمام عربى وإقليمى ودولي، بل لقد وصل عداء إدارة ترامب للشعب الفلسطينى حد إلغاء مساعدات بقيمة 25 مليون دولار للمستشفيات الفلسطينية فى القدس الشرقية، وأخيراً قامت إدارة ترامب بإغلاق مكتب منظمة التحرير فى واشنطن، وطلبت من العاملين فيه مغادرة الولايات المتحدة فى غضون شهر على الأكثر، لأن الفلسطينيين ذهبوا إلى محكمة العدل الدولية يطلبون التحقيق فى جرائم الحرب التى ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وتمكنت بعدوانها المستمر من السيطرة على 78 فى المائة من أرض فلسطين التاريخية.

والمؤسف أن تتورط الولايات المتحدة على لسان مستشارها للأمن القومى جون بولوتون فى تهديد محكمة العدل الدولية بفرض العقوبات عليها وملاحقة قضاتها، ومنعهم من دخول الولايات المتحدة، ومصادرة أرصدة المحكمة الدولية المالية فى المنظومة المالية الأمريكية، وتهديد أى شركة أو دولة تتعاون مع تحقيقات المحكمة الدولية بمصادرة أموالها، رغم أن محكمة العدل الدولية مؤسسة مستقلة تدعمها 123 دولة.

وبالطبع إعتبر بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل قرارات الإدارة الأمريكية بعقاب الشعب الفلسطينى بما فى ذلك قرار غلق مكتب منظمة التحرير فى واشنطن قرارات صائبة، وأكد نيتانياهو دعمه لكل إجراءات واشنطن ضد الشعب الفلسطينى لأنه يرفض الإذعان لمطالب إدارة ترامب والعودة إلى مائدة التفاوض المباشر بعد أن سحبت واشنطن قضية القدس من على مائدة التفاوض، واعتبرت قرارها بأن تكون القدس عاصمة لإسرائيل حلاً للمشكلة دون أن تستجيب لمطلب الفلسطينيين والعرب والعالم بأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، والواضح أيضاً أن الولايات المتحدة تنسحب من حل الدولتين، وترفض اعتباره الحل الوحيد الصحيح لمشكلة الصراع العربى الإسرائيلي، بما يؤكد أن الولايات المتحدة لم تعُد تصلُح لأن تكون وسيطاً نزيهاً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وما تتجاهله واشنطن أن تصعيدها للعداء مع الشعب الفلسطينى على هذا النحو الشديد القسوة لا يخدم عملية السلام ولكنه يقوى التطرف، لأن الإسراف فى الظلم على هذا النحو لا يفقد فقط الولايات المتحدة مصداقيتها،ولكنه يُغذى ويؤجج العنف والرغبة فى الانتقام، خاصة أن تصعيد العداء مع الشعب الفلسطينى لم يترك للفلسطينيين أى فرصة سوى حث محكمة العدل الدولية على الإسراع فى تحقيقاتها فى جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل، والتفكير فى تفعيل كل أدوات القانون الدولى ضد جرائم إسرائيل، بل ثمة من يضغطون على الرئيس الفلسطينى محمود عباس بضرورة إلغاء إتفاقات أوسلو، ووقف التنسيق الأمنى مع إسرائيل، والوقوف بقوة أمام مخطط إسرائيل لهدم قرى الخان الأحمر قريباً من القدس الشرقية، التى سلمت إسرائيل أهلها الفلسطينيين إنذارات بإخلاء منازلهم وترحيلهم ضمن مخطط لتوسيع المستوطنات على حساب الأرض والسكان الفلسطينيين، الأمر الذى دفع السلطة الفلسطينية إلى أن تطلب من محكمة العدل الدولية النظر فى قضية قرى الخان الأحمر باعتبارها جريمة حرب جديدة ترتكبها إسرائيل، خاصة أن خمسا من الدول الأوروبية الكبرى أدانت مخططات إسرائيل لهدم قرى الخان الأحمر وترحيل سكانها ضمن مخطط توسيع المستوطنات حول القدس.

وفى مفاجأة غريبة قالت صحيفة فلوبس الاقتصادية نقلاً عن مسئولين فى البيت الأبيض، ان جارد كاشنير صهر الرئيس ترامب والمبعوث الأمريكى للشرق الأوسط جايسون جرينبلات اقترحا على الرئيس ترامب أن يدفع للرئيس محمود عباس مبلغ 5 مليارات دولار وضمان مبلغ مماثل من الاتحاد الأوروبى والدول الخليجية لتمويل مخطط لإعادة التأهيل والتنمية الاقتصادية للسلطة الفسطينية بما فى ذلك قطاع غزة، إن قبل الرئيس الفلسطينى الرضوخ للمطلب الأمريكى والعودة إلى مائدة التفاوض المباشر مع الإسرائيليين فى إطار جدول زمنى ينهى الصراع الفلسطينى الإسرائيلى من خلال رؤية الرئيس ترامب التى ترفع مدينة القدس من مائدة التفاوض بعد اعتراف الولايات المتحدة بها عاصمة لدولة إسرائيل!. وبرغم أن البيت الأبيض نفى على لسان المبعوث الخاص جرينبلات العرض الذى نقلته صحيفة فلوبس ووصفه بالأسطورة مؤكدا أن من العبث دفع 5 مليارات دولار لطرف مقابل عودته إلى مائدة التفاوض لكن صهر الرئيس ترامب بدا واثقاً من أن العقوبات التى اتخذتها إدارة ترامب سوف تساعد عملية السلام، رغم أن المؤكد أن يرفض الرئيس محمود عباس العرض المذكور والذى يبدو واضحاً أنه يشكل ثمناً للتنازل عن القدس.

وحسناً أن أدان وزراء الخارجية العرب فى اجتماع الدورة الـ150 لمجلس الجامعة مخطط الإدارة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية وإزاحتها من خارطة الاهتمامات الإقليمية والدولية فيما يكاد يكون مجزرة سياسية لحقوق الشعب الفلسطيني، وحسناً أن تطوع العرب بتقديم 200 مليون دولار لدعم وكالة غوث للاجئين التى ترفض الولايات المتحدة الإسهام فى تمويلها، وترغب فى تصفيتها كى لا يكون للاجئين الفلسطينيين أى عنوان دولي، لكن السؤال المهم، هل تكفى هذه الإجراءات لمواجهة مخاطر الهجمة الشرسة التى يتعرض لها الشعب الفلسطيني، أم أن الأمر يتطلب إعادة ترتيب البيت الفلسطينى من الداخل واستعادة وحدة الصف الفلسطينى وتحقيق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس ومساندة جهود القاهرة فى تحقيق ذلك، والإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة، وبدء تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل ألوان الطيف السياسى الفلسطيني، وما لم تتحقق هذه الأهداف فسوف ينجح مخطط الإدارة الأمريكية خاصة أن الشعب الفلسطينى عيل صبراً من الانقسامات التى كسرت ظهره لأسباب عقائدية غير صحيحة، ولأنه فى ظل الانقسام الراهن لن تنجح فتح ولن تنجح حماس وسوف يدينهما التاريخ باعتبارهما المسئولين الأول عن ضياع قضية الشعب الفلسطيني، بل ربما كان ضرورياً أن يفهم الفلسطينيون بكل وضوح أنهم لن يتحصلوا على الدعم العربى الحقيقى فى ظل هذا الانقسام الذى أنقض ظهر الشعب الفلسطينى الذى يفقد الثقة فى كافة قياداته السياسية، ويحتاج إلى قيادة موحدة جديدة، صحيح أن مقاومة الشعب الفلسطينى لتصفية قضيته لم تفتر بعد، وأن المقاومة مستمرة تبحث عن وسائل ومسارات جديدة كلما سدت إسرائيل مسار المقاومة، وصحيح أن المساندة العالمية، للشعب الفلسطينى لم تزل قائمة وموجودة، لكن الولايات المتحدة التى أصابها هياج الثور الغاضب لا تزال فاعلة ومؤثرة رغم مخاصمة دول الغرب الأوروبى لكثير من تصرفات الإدارة الأمريكية، وخلاصة القول يجب أن تفيق القيادات الفلسطينية لخطورة الموقف الراهن وتدرك أن الشعب الفلسطينى يفقد ثقته فى معظم القيادات السياسية وأن إعادة ترتيب البيت الفلسطينى أولوية مهمة لا تسبقها أى قضية أخري.

arabstoday

GMT 15:19 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

لماذا كل هذه الوحشية؟

GMT 15:17 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

GMT 15:21 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

لجان الكونغرس تدين دونالد ترامب

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تُعادى إدارة ترامب الشعب الفلسطينى لماذا تُعادى إدارة ترامب الشعب الفلسطينى



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية
 العرب اليوم - مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط
 العرب اليوم - 3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 العرب اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات فساتين زواج فخمة واستثنائية لعروس 2025

GMT 10:34 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتقاء شهيدين فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمال غزة

GMT 07:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق تذاكر معرض كريستيان ديور مصمم الأحلام

GMT 06:17 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

3 ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط

GMT 05:49 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بين قاهر.. وقاتل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab