بقلم :مكرم محمد أحمد
يصدق على العلاقات الامريكية الروسية المثل الشعبى الدارج «جه يكحلها عماها». لأنه ما من شك أن أول الأهداف السياسية المعلنة على برنامج المرشح الجمهورى ترامب هو تصحيح وتحسين العلاقات بين واشنطن وموسكو التى يتوقف عليها مشكلات أخرى كثيرة، ثم جاءت اتصالات بعض أعضاء حملته الانتخابية مع السفير الروسى فى واشنطن دون إخطار إدارة الرئيس أوباما التى كانت لا تزال تدير البيت الأبيض وشكاوى المخابرات الأمريكية وأجهزة المعلومات من ضلوع الكرملين المتزايدة فى انتخابات الرئاسة عام 2016 بهدف إنجاح المرشح الجمهورى ترامب وأن الرئيس بوتين نفسه ضالع فى هذه العملية، لتدفع الرئيس أوباما الى أن يطلب من الكونجرس النظر فى أبعاد القضية وتوقيع العقوبات على روسيا، خاصة بعد أن نجحت المخابرات الروسية فى اختراق البريد الالكترونى لإحدى اللجان المهمة للحزب الديمقراطى، وزاد المشكلة تعقيدا إعلان المخابرات المركزية والأمن الفيدرالى أن من بين الضالعين فى التداخل مع السفير الروسى فى واشطن جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب وليس فقط مستشاره للأمن القومى فلين!
لكن تراجيديا الأزمة الروسية وصلت إلى ذروتها عندما أخبر رئيس الأمن الفيدرالى السابق احدى لجان الاستماع المهمة فى الكونجرس بأن الرئيس ترامب طلب منه على عشاء منفرد فى البيت الأبيض إسقاط ملف التحقيق فى قضية اتصالات مستشاره للأمن بالسفير الروسى فى واشنطن لتتشكل ملامح اتهام لا يزال تحت التحقيق بأن الرئيس ترامب حاول بالفعل تعويق العدالة، وهو اتهام لا يزال معلقا على رأس الرئيس ترامب فى قضية مفتوحة يجرى استدعاء أطراف عديدين للتحقيق فى وقائعها ربما يكون من بينهم صهر الرئيس جارد كاشينور!
فى ظل هذه الظروف المعقدة لم يكن أمام الرئيس ترامب خيار آخر سوى أن يصدق على العقوبات التى التى أصدرها الكونجرس على روسيا، وشملت منع استيراد بعض الأسلحة وامكان توقيع عقوبات على الشركات الامريكية والغربية التى تعمل فى مد خط أنابيب الغاز بين روسيا والمانيا بما جعل الشركات الغربية تشتاط غضبا، لكن الاكثر أهمية فى قرارات الكونجرس أنها تضيق الخناق على ترامب وتمنعه من حقه فى خفض العقوبات.. ثم جاءت ردود أفعال الرئيس بوتين لتلقى المزيد من الأذى للعلاقات الأمريكية الروسية عندما طلب خفض أعضاء السفارة الأمريكية فى موسكو والقنصليات الثلاث التابعة لها إلى حدود 450 عضوا بما يعنى إقصاء 750 من العاملين فى السفارة والقنصليات الثلاث والذين ربما يكون معظمهم من الموظفين المحليين الروس، كما ألزم بوتين سفارته فى واشنطن بهذه الاعداد فى سابقة نادرة دلالتها الوحيدة ان العلاقات الأمريكية الروسية فى وضع بالغ السوء يزيد من مضاعفاته إحساس الرئيس بوتين بالاحباط وفقدان الأمل فى فرص تحسن العلاقات بين البلدين مادام ترامب موجودا فى البيت الأبيض تطارده الأزمة الروسية وتطول بعض أفراد العائلة!
ولان بوتين وترامب لم يلتقيا سوى مرة واحدة قبل أكثر من شهر على هامش قمة العشرين فى مدينة هامبورج، حيث أنجز الرئيسان اتفاقا على وقف إطلاق النار فى سوريا ولتهدئة أوضاع الجنوب أحيا الأمل فى إمكان التسوية السلمية للازمة السورية، فإن السؤال المهم الذى تتردد أصداؤه فى الشرق الأوسط، ماهو مصير هذا الاتفاق؟! وهل لا تزال هناك فرصة لتسوية الأزمة السورية؟! لم يتكلم الرئيس ترامب حتى الآن، لكن وزير خارجيته ريكس تيلرسون أكد استمرار توافق واشنطن وموسكو على سوريا موحدة وغير مقسمة تحوز دستورا جديدا وتجرى انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة.