بقلم ـ مكرم محمد أحمد
رغم بعض توقعات خبراء الرأى العام بأن نسبة حضور المصريين إلى صناديق الانتخابات الرئاسية قد تكون فى حدود 20 فى المائة أو أنها لن تقل عن ذلك، وهى نسبة يعتقدون أنها عالية فى غياب منافس حقيقى يخوض المعركة أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى، لكن كل الظروف التى تحيط بانتخابات الرئاسة القادمة تقول إن المعركة رغم غياب المنافسة تحمل أوجه تحد عديدة تجعلها خارج سياق أى انتخابات عادية يسهل قراءة نتائجها عبر قياسات الرأى العام، التى كثيراً ما تصدق بحساب هامش خطأ محدود، كما أن هذه المعركة يحكمها عامل مهم ربما يكون أقوى من المنافسة، هو موقف الناخب المصرى من جماعة الإخوان التى أقحمت نفسها على المعركة بإعلانها الحرب على السيسى، اعتقاداً منهم بأن هذه هى الفرصة الأخيرة التى ربما تمكنهم من أن ينالوا من الرئيس السيسى الذى أسقطهم عن عرش مصر وكانوا يأملون البقاء ألف عام فى سدة الحكم.
ولأن الجماعة لا تزال تعتقد واهمة أن كثيراً من فئات الشعب المصرى يمكن أن تنتصر لها خاصة مع تزايد صعوبات الحياة، فمن الواضح أنها تخطئ الحساب والتقدير، وتنسى أن الذى طالب بإنهاء حكم المرشد والجماعة ليس السيسى، ولكنهم 30 مليون مصرى خرجوا فى 30 يونيو جهاراً نهاراً فى تظاهرة لم يشهد لها العالم مثيلاً يطالبون بسقوط الجماعة كما أن نسبة عالية من المصريين تعتقد أن السيسى يكفيه لو لم يفعل أى شىء سوى أنه طالب المصريين فى 30 يونيو بالخروج إلى الشوارع والتعبير عن رأيهم فيما فعلته الجماعة بعد ثورة يناير، وكيف حاولت ركوب الثورة واستخدمت العنف، وحرقت مقار الشرطة والمحاكم والحزب الوطنى، وحاصرت المحكمة الدستورية ووزارة الدفاع، وعندما وعد السيسى بحماية حق الجماهير المصرية فى الخروج والتعبير عن رأيها تحت حماية قوات الجيش، كان هتاف الشارع المدوى فى كل ميادين مصر، يسقط حكم المرشد والجماعة. ولا أظن أن أحداً فى مصر لا يعرف على وجه اليقين الدور الذى لعبته جماعة الإخوان مع أجهزة التخابر البريطانية والأمريكية فى قضية الفوضى البناءة المثبتة وقائعها فى كتب ومذكرات وأحداث جرى توثيقها، فضلاً عن تحالف الجماعة الراهن مع قطر وتركيا، وانحطاط مواقفها إلى حد معاداة الجيش المصرى ووصفه بأقذع الصفات، وتورطها الواضح فى العنف وتحالفها مع جماعات الإرهاب التى خرج معظمها من تحت معطف الجماعة، والحقيقة أن جماعة الإخوان لا تزال تتصور وهماً أنها البديل وأنها يمكن أن تعود إلى صدارة المشهد، وأنها لا تزال قادرة على تشكيل تحالفات تركب موجتها وهم أنشط الأطراف على الساحة الخارجية رغم بوار بضاعتهم الفاسدة، ولأن جماعة الإخوان أقحمت نفسها على المشهد الإنتخابى سوف يزيد عدد الحضور إلى صناديق الانتخابات لمواجهة هذا التحدى وسوف يدفعون عملاءهم لإبطال أصواتهم. ولا أظن أن الدعوة إلى مقاطعة الإنتخابات فسوف تلقى أى قبول من الشارع المصرى، نعم هناك من يعفى نفسه من مسئولية النزول إلى صناديق الانتخاب بدعوى أن الجميع سوف ينزل وأن الرئيس لا ينقصه صوتى!، لكن مقاطعة الانتخابات أمر مستبعد، لأن الذين يروجون لهذه الدعوة هم فى الأغلب شخوص مستهلكة يعرفها الشارع المصرى تكاد تكون حرفتها المعارضة، لا تملك قدرة التأثير على الشارع، وهم يمثلون نوعاً من حالات الرفض والإحباط والفشل المتكرر، بينما ينبض الشارع المصرى بالكثير من الأمل فى الإصلاح والرغبة فى اختصار المشوار، والثقة المتجددة بالنفس وهم يتابعون ما تحقق بالفعل، وقد أنجز الرئيس السيسى الكثير، يكفيه حقل ظهر وشبكة الطرق الجديدة وهم يرون أن الإنجاز يكاد يكون فى كل شارع، ينهض كل يوم بجديد، ولا أظن أن أحداً يستطيع أن ينكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسى خلق فى الشارع المصرى حالة من التفاؤل والأمل والإيمان بجدوى الغد والمستقبل، وكلها أسباب وتحديات مهمة تحث المصريين على الخروج يوم الانتخابات.
نقلًا عن جريدة الأهرام