بقلم : مكرم محمد أحمد
أن تتولى امرأة قبطية منصب محافظ دمياط حدث مهم، ورسالة ذات مغزى خاص تؤكد أن مصر خلعت عن نفسها كل آثار التمييز السلبى فى العرق أو الجنس أو الدين وأن حقوق المواطنة قد اكتملت، وأن الجميع صاروا سواسية كأسنان المشط، وهى شهادة ذات قيمة عالية بالنسبة للحاكم والمحكوم، تُثبت أن حق المواطنة الكاملة يتقدم على كل الحقوق، وأن مصر صارت بالفعل كما يقول البابا تواضروس بلدا واحدا لا يعانى أيا من صور القسمة أو التمييز السلبي، وأن شعب مصر نسيج واحد لأن دمياط بمسلميها وأقباطها لم تجد أى غضاضة فى أن يكون على رأس المحافظة مواطنة قبطية، لقد سبق أن كان لمصر رئيس وزراء غير مسلم أكثر من مرة، لكنها المرة الأولى فى تاريخ مصر أن تتولى امرأة قبطية منصب المحافظ.
تحية للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يسابق زمانه ويسبقه بهذا القرار الشجاع الذى يثبت جوهر التقدم المصرى ويؤكد أن حقوق المواطنة الكاملة للمصريين قد حققت نصرا نهائيا على كل صور التمييز السلبى الدينى والطائفي، وما يضاعف من قيمة القرار أن الأزهر لا يعترض عليه لأن منصب المحافظ لا يمثل ولاية دينية، ولأن من حق المرأة أن تشغل كل المناصب بما فى ذلك منصب رئيس الوزراء، وأن هناك أكثر من دولة مسلمة ترأسها سيدة مسلمة. هذا عن القرار أما السيدة المحافظ فقد كانت أستاذة طب بيطرى فى جامعة الإسكندرية، ووكيلا لمعهد بحوث الأمصال واللقاحات فضلا عن حصولها على جائزة الدولة للعلوم الزراعية عام 2007، كما كانت نائبا لمحافظ الجيزة على امتداد السنوات الأربع الأخيرة، تختص بتنمية ريف الجيزة والعشوائيات والقرى الأكثر فقرا والمناطق غير المخططة والمناطق غير الآمنة، وقد حققت فى عملها الصعب نجاحا جعل الجيزة عضوا فى مجلس اليونسكو عن مدن التعلم، وأول محافظة تحظى بهذا التقدير على مستوى العالم العربي.
وقالت المحافظة د. منال ميخائيل إنها سعيدة بمنصبها الجديد محافظا لدمياط لأنها لقيت ترحيبا وتشجيعا شديدين من الدمايطة عندما يلتقونها فى شوارع المحافظة وهى تتفقد أيا من مرافقها، وأن الأقباط رأوا فى تعيينها محافظا دليلا على أن الكفاءة والنزاهة هما المعياران الأساسيان فى اختيار القيادات، وأنهم يحسون ارتياحا شديدا لأن قرار تعيين مواطنة قبطية محافظا لدمياط يثبت أن من اجتهد سوف يتحصل على كل حقوقه، وأن الثقة المتبادلة الآن بين الحكم وأقباط مصر تبلغ ذروتها ولعلها أفضل مرحلة فى علاقة الحكم بأقباط مصر، وهذا ما أكده البابا تواضروس فى إحدى عظاته خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، وأكد اللواء محمود شعراوى وزير الإدارة المحلية، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى اختار منال لتميز أدائها كنائب لمحافظ الجيزة ولأن أداءها يتميز بالنظافة والنزاهة فضلا عن الإتقان، ولأنها الأفضل، واثقا من أن الدمايطة سيرحبون بها متى عرفوا كفاءتها. وما نعرفه جيدا رغم بعض المشكلات أن المصريين شعب متسامح يتجاور أقباطه مع مسلميه فى ود وألفة، ويتبادلون التهانى وكل الأشياء الطيبة فى أعيادهم المتبادلة وأن من فضائل ثورة 1919 أنها زادت يقين المصريين بوحدة الهلال مع الصليب، وأن التعصب وإنكار الآخر الذى ربما يصل إلى حد الكراهية لم يشكل أبدا جزءا من أخلاقيات المصريين وهو وارد على مصر من خارجها روجت له جماعات التطرف، ولهذا لقيت المحافظة منال ترحيبا بالغا فى دمياط بعد أن عرف الكثيرون نشاطها الضخم فى محافظة الجيزة حيث أنجزت الكثير الذى كان العنصر الحاسم فى اختيارها محافظا لدمياط، وفى ضوء كفاءتها ونزاهتها لم يعد هناك وجه للعجب
المصدر : جريدة الأهرام
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع