انتفاضة البازار

انتفاضة البازار!

انتفاضة البازار!

 العرب اليوم -

انتفاضة البازار

بقلم : مكرم محمد أحمد

بعد أربعة عقود من دعم تجار البازار فى إيران للثورة الإسلامية ونظام حكم آيات الله، ها هو البازار يشق عصا الطاعة على نظام الملالى، ويغلق أبواب المتاجر فى معظم المدن الإيرانية فى إضراب شامل احتجاجاً على سوء الموقف الاقتصادي، وانهيار سعر الريال الإيرانى مقابل الدولار، حيث بلغ 90 ألف ريال مقابل دولار واحد، معيداً للأذهان انضمام البازار إلى حركة المحتجين على نظام الشاه الذى شكل العامل الحاسم فى نجاح الثورة الإسلامية ورحيل الشاه عن البلاد.

وتكشف انتفاضة «البازار» مدى غضب الشارع الإيرانى من أساليب معالجة حكومة الرئيس حسن روحانى لمشكلات إيران الاقتصادية وعجزها عن مواجهة زيادة نسب التضخم الذى جاوز 20%، كما يكشف احتجاج الإيرانيين عن سيطرة القبضة الأمنية وكبْتها المستمر للحريات العامة والخاصة، لكن تفاقم المواجهات يعكس أيضاً رفض الإيرانيين المتزايد لخطاب المرشد الأعلى على خامنئى الذى يصر على تحميل قوى الخارج مسئولية سوء الأوضاع المتفاقمة فى الداخل، بينما يتزايد هتاف الغاضبين يطالبون بإسقاط النظام وتنحى المرشد الأعلى وخروج القوات الإيرانية من سوريا، ويرفعون شعارات «اخرجوا من سوريا» و«فكروا فى أحوال الناس» كما نشر ناشطون مقاطع وصوراً تُظهر هجوم قوات الأمن على المتظاهرين بالقرب من سوق الذهب فى طهران الذى أغلق محاله وانضم إلى المحتجين حيث أطلق الأمن عياراته المطاطية ضدهم.

وفى أصفهان وسط إيران انضم البازار وهو أكبر أسواق إيران إلى الإضراب العام، كما أغلق سوق الذهب محاله فى تبريز، ويشكل إغلاق البازار فى طهران حدثاً مهماً وكبيراً لم يتكرر منذ انتفاضة 1979 على الشاه، ويتألف البازار الكبير من 40 ممراً مترابطاً، تغطى مساحة تبلغ 10 كيلو مترات مربعة، تنقسم إلى 20 قسماً، كل قسم يختص بتجارة معينة، من متاجر الأغذية إلى معارض السجاد وورش الذهب والمجوهرات وكل ما تحتاجه العاصمة طهران التى يربو عدد سكانها على 15 مليون نسمة، فضلاً عن 6 مساجد و30 فندقاً و20 مصرفاً و13 مدرسة، ويمد البازار رجال الدين الشيعة وبينهم الإمام بخمس أرباحهم كل عام، ومن دون ضريبة الخمس لم يكن لرجال المذهب الشيعى أن يتمكنوا من المحافظة على مكانتهم عبر التاريخ الإيرانى.

وتعتمد أكثر من 500 جمعية خيرية إيرانية على الدعم المقدم من البازار، والأهم من ذلك أن البازار الكبير هو مصدر العمالة لأكثر من 600 ألف إيرانى، ولأن عمر البازار يربو على 400 عام منذ الحقبة الصفوية، ثمة تقاليد راسخة تنظم العلاقة بين البازار والحكم وبين البازار ورجال المذهب الشيعى، والأمر المؤكد أنه لولا الدعم المالى القوى من جانب البازار لآيات الله والمرشد الأعلى لما تمكنوا من بسط سيطرتهم على إيران طوال 4 عقود، وقد تكون الصراعات الحالية جزءاً من صراع السلطة، حيث يُحمل المحافظون الرئيس حسن روحانى مسئولية الوضع الاقتصادى إلى حد الحديث العلنى عن ضرورة استجواب روحانى، لكن أغلبية الإيرانيين يحملون المرشد مسئولية تردى الأوضاع، ويرون أن الاحتجاجات الأخيرة تمثل البداية لعديد من الاحتجاجات المقبلة على تردى الأوضاع بسبب موقف المصارف الدولية التى بدأت الانسحاب من إيران مما أدى إلى قطع الشرايين التى تربط إيران بالعالم الخارجى، وعزوف القوى الأجنبية عن التعامل مع طهران خوفاً من أن يتم استبعادها من النظام المالى العالمى، ويبدو أن الجميع بما فى ذلك الهند والصين يخططون لتقليص عملياتهم التجارية مع إيران وقد أعلنت شركة النفط الهندية خفض وارداتها من البترول الإيرانى، وتسير المصافى الأوروبية التى تشترى ثلث صادرات النفط الإيرانى فى اتجاه الهند بسبب امتناع المصارف الدولية عن التعامل مع إيران، وقد انعكس هذا الوضع الاقتصادى المتدهور على المصدر الأساسى للعملات الأجنبية فى إيران حيث تراجع إنتاج إيران من 2٫7 مليون برميل إلى 2٫2 مليون برميل، ويبدى الخبراء مخاوفهم من أن يؤدى انهيار الوضع الاقتصادى إلى انهيار نظام الملالى لأن أزمة إيران الراهنة ليست مجرد أزمة اقتصادية، كما أن الاحتجاجات تشير إلى غضب ضخم يتجاوز الأزمة الاقتصادية، فضلاً عن أن البيانات الحكومية ذاتها تشير إلى وجود 12 مليون إيرانى فى حالة فقر مدقع يصل الى حدود المجاعة بما يؤكد وجود أسباب حقيقية للثورة على نظام الملالى.

المصدر : جريدة الأهرام

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتفاضة البازار انتفاضة البازار



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab