بقلم : مكرم محمد أحمد
يواصل الجيش السورى تقدمه تجاه حدود سوريا مع الأردن، وقد تمكن رجل عسكرى سورى كبير من السيطرة الكاملة على معبر نصيب آخر معبر عند حدود الأردن حيث تم رفع العلم السوري، فى الوقت الذى وقع فيه المتمردون السوريون فلول المعارضة المسلحة اتفاق تسلُّم وتسليم لمنطقة درعا مع الروس ينص على إطلاق النار 7 يوليو، مع تسليم الفصائل المسلحة سلاحها الثقيل والمتوسط فى جميع المدن والبلدات السورية إلى قوات الجيش السوري، ويمكن لمن لا يرغب من المسلحين فى تسوية أوضاعه مغادرة جنوب سوريا إلى محافظة إدلب شمال سوريا مع عائلاتهم وتسليم كل مواقع فصائل المعارضة السورية المسلحة وكل نقاط المراقبة على طول خط الحدود إلى الجيش العربى السوري، وقد ارتفع عدد البلدات فى منطقة درعا التى قبلت وقف إطلاق النار وقبول اتفاق السلام إلى 90 بلدة فى محافظة درعا و15 بلدة فى محافظة السويداء لينتهى تمامًا وجود المعارضة السورية المسلحة جنوب سوريا وفى كل أرجاء البلاد، وبرغم الانتهاكات المحدودة التى تعرض لها اتفاق السلام وأدت إلى مقتل أربعة أشخاص فى غارات الطيران السورى على أحد مواقع المعارضة، عاد معظم النازحين السوريين العالقين فى منطقة الحدود إلى قراهم «220 ألفًا» ولا يزال عدد كبير من النازحين ينتشرون فى منطقة جنوب غرب سوريا قرب معبر جابر فى محافظة القنيطرة على حدود هضبة الجولان.
ويبدو أيضًا أن حزب الله سحب الجزء الأكبر من قواته من جنوب غرب سوريا إلى داخل لبنان، بدعوى أنه لم يعُد هناك ما يبرر وجود تشكيلات قتالية لقوات حزب الله جنوب سوريا بعد وصول الجيش السورى إلى مناطق الحدود وسيطرته عليها، وقد عبّرت إسرائيل عن قبولها انتشار الجيش السورى فى منطقة الحدود مع الأردن وإسرائيل شريطة أن تنسحب جميع قوات إيران وحزب الله.
وأزاحت شبكة إيه بى سى الأمريكية الستار عن مباحثات سرية تُجرى بين الروس والأمريكيين والإسرائيليين، ناقش خلالها الأطراف الثلاثة إمكانية انسحاب القوات الأمريكية من سوريا مقابل الانسحاب التام للقوات الإيرانية من سوريا، وإن كان الأمريكيون قد أكدوا أنهم لن يغادروا سوريا قبل أن يتأكدوا من أن فرصة داعش فى العودة إلى الأراضى السورية تنعدم تمامًا، والواضح أن لقاء القمة الذى يجمع بين الرئيسين، الأمريكى ترامب والروسى بوتين فى مدينة هلسنكى 16 يوليو المقبل سوف يبحث المشكلة السورية فى ضوء توافقهما المشترك على ضرورة السماح لقوات الجيش السورى بالعودة إلى مناطق الحدود مع الأردن وإسرائيل وإنهاء وجود كل القوات الأجنبية عدا القوات الروسية من سوريا وأولها القوات الإسرائيلية، وثمة اقتراح بالإبقاء المؤقت على القوات الإيرانية على مسافة 80 كيلو مترًا من خط التماس عند الحدود على أن يكون لإسرائيل الحق فى قصف أى أهداف إيرانية فى الأراضى السورية يخالف وجودها هذا الشرط لكن الإسرائيليين يُصرّون على أن تغادر جميع القوات الإيرانية سوريا، سواء الحرس الثورى الإيرانى أو القوات التى تنتمى إلى الجيش الإيراني، وبرغم بعض التصريحات المتشددة من جانب مسئولين إيرانيين يرون أن انسحاب إيران الكامل من سوريا أمر لن تقبله طهران التى وجودها على الأرض السورية ضرورة استراتيجية، لكن الإيرانيين لا يملكون أسباب القوة التى تُمكنهم من فرض وجودهم فى سوريا، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الإيراني، وتصميم إدارة ترامب على منع تصدير البترول الإيرانى إلى الخارج، وامتثال معظم الشركات الأجنبية لشروط الولايات المتحدة، لأنه ليس هناك خيار آخر لأى من هذه الشركات العالمية سوى الوصول إلى الأوساط المالية الأمريكية كى تحافظ على مصالحها فى دول العالم.
والواضح أيضًا أن الرئيس الأمريكى ترامب والرئيس الروسى بوتين سوف يبحثان فى قمة هلسنكى سبل إنهاء الحرب السورية، ومستقبل حكم بشار الأسد بعد خروج المعارضة السورية المسلحة من اللعبة السياسية وحجم الانسحاب الإيرانى من الأراضى السورية، وأغلب الظن أن يُصر الرئيس الأمريكى على خروج كل القوات الإيرانية من سوريا، وألا يُمانع الروس كثيرًا خاصة أن طهران لا تملك الآن من أسباب القوة ما يجعلها قادرة على فرض وجودها فى سوريا، ولم يعد فى وسع الرئيس بشار الأسد سوى أن يدافع عن وجوده المؤقت فى حكم سوريا .