بقلم : مكرم محمد أحمد
لا يبدو ان الرئيس الأمريكى ترامب نجح حتى الآن فى ان يشرح للرأى العام الأمريكى الأسباب التى جعلته يقف الى جوار الرئيس الروسى بوتين، ويبدى تصديقه لان الروس لم يتدخلوا فى انتخابات الرئاسة الامريكية عام 2016، ضاربا عرض الحائط بتقارير أجهزة مخابراته ومعلوماته، و عندما سأل الصحفيون الرئيس الأمريكى أكثر من مرة، لماذا تصدق الرئيس الروسى ولا تصدق اجهزة معلوماتك, رد الرئيس فى المرة الاولى بأنه كان يود ان يصدق أجهزة مخابراته لكن منطق بوتين كان قويا! و فى المرة الثانية قال ترامب انه يصدق الاثنين! لكن الأمور زادت سوءا عندما فاجأ الرئيس الأمريكى الجميع بأنه كلف مستشاره للامن القومى جون بولتون بأن ينقل الى موسكو دعوة من الرئيس ترامب الى الرئيس بوتين بأن يلتقيا مرة ثانية مع مطلع الخريف القادم فى البيت الأبيض ! (ليتابعا تنفيذ ما توافق عليه الرئيسان فى قمة هلسنكى من قضايا، بما فى ذلك وقف الارهاب وأمن اسرائيل وازمتا الشرق الاوسط واوكرانيا، واكد ترامب ان اجتماع هلسنكى كان ناجحا جدا على غير ما أكدته الأخبار المغلوطة التى يروجها أعداء الشعب الأمريكي! ولا يعرف أحد ما الذى دفع الرئيس الأمريكى لاعلان قنبلته الجديدة، بينما لا يزال لقاء هلسنكى يثير موجة من الانتقادات الحادة، لكن يبدو ان الرئيس الامريكى اختار سياسة الهجوم بدلا من الدفاع، وكل ما نعرفه عن هذا القرار ان الرئيس الأمريكى استيقظ مبكرا ليطلب من مستشاره بولتون إبلاغ الدعوة الى موسكو ، لم يسأل الرئيس احدا و لم يخبر احدا الى حد ان الخبر فاجأ مدير مخباراته الوطنية دانيال كوتس وهو على الهواء مباشرة، و لم يملك كوتس سوى اعلان دهشته والاعتراف بأنه لم يعرف شيئا عما جرى فى اجتماع هلسنكي، وقال كوتس مدير المخابرات الوطنية ضمن ما قال انه يعترض على أداء الرئيس ترامب فى هلسنكى، وان الرئيس ما كان ينبغى ان يتجاهل تقارير اجهزة أمنه و معلوماته، لان معنى ذلك ان الولايات المتحدة تخضع لحكومتين كل منهما لا يعرف شيئا عن الأخري، وتنهد مدير المخابرات الوطنية تنهدا عميقا عبر بخشونة عن ضيق بما حدث.
وأظن ان واحدة من الاسئلة الصعبة المعلقة، كيف ستكون العلاقة بين الرئيس ترامب و اجهزة امنه ان أجهزة الأمن الأمريكية تتوافق على ان الرئيس بوتين كان ضالعا فى عملية التدخل فى انتخابات الرئاسة الامريكية، كما ان دانيال كوتس مدير المخابرات الوطنية لم يتورع عن إصدار بيان عاجل يعلن فيه وقوفه الى جوار اجهزة المخابرات الأمريكية التى تملك العديد من الشواهد تثبت تدخل الروس فى انتخابات الرئاسة الامريكية وعلى الناحية الاخرى يعتقد الروس ان خصوم الرئيس ترامب فى الداخل، وبينهم أجهزة مسئولة تسعى الى غلق طريق تحسين العلاقات الامريكية الروسية، وان على روسيا الا تتعجل خطواتها انتظارا لما سوف تكون عليه الامور.
واذا كانت ردور افعال قمة هلسنكى تراوحت بين الانتقادات الحادة، واتهام الرئيس الأمريكى بالتواطؤ على مصالح الولايات المتحدة، فما الذى يمكن ان يحدث ردا على دعوة الرئيس الروسى لزيارة البيت الابيض بعد ان أعلنت نانسى بلوسى رئيسة مجلس النواب السابق وزعيمة الأقلية فى الكونجرس ان على الرئيس الروسى بوتين ان يعرف ان الكونجرس ليس على استعداد لاستقباله, فضلا عن انه يفكر فى فرض عقوبات جديدة على موسكو، لكن الواضح من نتائج أول استفتاء للرأى العام الأمريكى ان زوبعة قمة هلسنكى تخفت رويدا.
وان ردور أفعال الطبقة السياسية ورجال الأحزاب والكونجرس أشد قوة من ردود أفعال الرأى العام الامريكية، و يسود التوقع واشنطن بأن ازمة هلسنكى ربما لا تشكل نقطة تحول حاسم فى رئاسه ترامب لان 33 فى المئة من الامريكيين يؤيدون طريقة تعامل ترامب مع الرئيس الروسى بينما يرفضها 50 فى المائة و ان 40 فى المائة من الامريكيين فقط اكدوا ان الرئيس ترامب ذهب بعيدا فى تعامله مع الرئيس الروسى على حساب أجهزة الامن الامريكي, وان الديمقراطيين والليبراليين وخريجى الجامعات هم الذين رفضوا أداء الرئيس ترامب بنسبة 78 فى المائة , بينما يوافق 66 فى المائة من الجمهوريين على اداء الرئيس .
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام