بقلم : مكرم محمد أحمد
يبدو أن لقاء الرئيس الأمريكى ترامب مع مجموعة الدول السبع الذى حضرته ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وإيطاليا, واليابان ورئيس وزراء كندا حول أزمة التعريفة الجمركية الذى عُقد فى كيبك قد زاد من تعقيد الأمور بعد أن هدد الرئيس الأمريكى بأن الجميع يمكن أن يفقدوا الوجود فى السوق الأمريكية إذا لم يخففوا حواجز التجارة مع الولايات المتحدة, وأعاد مرة أخرى تهديداته السابقة بأن حجم الاقتصاد الأمريكى يُمكن الولايات المتحدة من كسب الحرب التجارية كما كسبتها فى المرات السابقة وقال ترامب قبل أن يغادر إلى سنغافورة للقاء الرئيس الكورى الشمالى كيم جونج أون إنه أعطى تعليماته بالانسحاب من البيان الذى صدر عن الاجتماع مع الدول السبع رفضاً لما جاء فى المؤتمر الصحفى لرئيس وزراء كندا من حقائق غير صحيحة، كما أنه يُعيد النظر فى التعريفة الجمركية للسيارات الأوروبية التى تتدفق على الأسواق الأمريكية.
ويبدو أن الاجتماعات التى استمرت يومين بين ترامب ومجموعة دول الاتحاد الأوروبى إضافة إلى كندا شهدت حدة فى المناقشات خاصة بين الرئيس ترامب وكل من الرئيسين الفرنسى إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وتعبر لقطات هذه اللقاءات عن غضب واضح من حدة النقاش مع ترامب وتوتره فى سابقة لم تحدث من قبل، حيث أكد قادة دول الاتحاد الأوروبى أن سياسات الرئيس ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على صادرات هذه الدول من الصلب والألمونيوم لم تترك للأوروبيين أى فرصة سوى إعلان تعريفة جمركية جديدة على عدد من البضائع الأمريكية رداً على سياسات ترامب الحمائية.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت أنها سوف تفرض اعتباراً من أول يونيو رسوماً ضريبية على وارداتها من الفولاذ بنسبة 25 فى المائة والألمونيوم بنسبة 10 فى المائة من دول أوروبا والمكسيك وكندا، وأن القرار سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من منتصف ليلة الجمعة بتوقيت جرينتش، وتبلغ صادرات كندا والمكسيك والإتحاد الأوروبى إلى الولايات المتحدة 23 مليار دولار تشكل نسبة 48 فى المائة من واردات أمريكا من الصلب والألمونيوم، ورغم أن هذا الإجراء كان يستهدف الصين فإنه أضر بحلفاء الولايات المتحدة ضرراً بالغاً ومَهد لحرب تجارية بين واشنطن وحلفائها، حيث توعد الاتحاد الأوروبى بالرد بالمثل. واعتبر رئيس الوزراء الكندى فرض الرسوم الأمريكية على الصلب والألمونيوم الكندى إهانة للشراكة الأمنية القديمة العهد بين كندا والولايات المتحدة، حيث قاتل آلاف الكنديين إلى جانب الأمريكيين، ثم جاء رد وزيرة الخارجية الكندية بفرض رسوم جمركية انتقامية على صادرات أمريكية بقيمة 12.8 مليار دولار ليزيد القضية تعقيداً، وقالت وزيرة الخارجية الكندية إنها ستطعن أيضاً فى رسوم الاستيراد الأمريكية على الصلب والألمونيوم بمقتضى اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ومنظمة التجارة العالمية، كما أصدر الاتحاد الأوروبى قائمة من 10 صفحات بالسلع الأمريكية التى ستخضع لتعريفات جمركية جديدة رداً على قرار الرئيس ترامب. وكان الأشد انتقادا لإجراءات ترامب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الذى وصف قرارات ترامب بأنها خاطئة وغير قانونية وأن القومية الاقتصادية التى ينتهجها ترامب تقود إلى الحرب، كما أعربت المستشارة الألمانية عن استيائها من تصعيد الرئيس الأمريكي، وقالت إن الرد الأوروبى على شعار ترامب «أمريكا أولاً» سيكون «أوربا الموحدة». وإذا صح أن الرئيس الأمريكى ترامب مصمم على منع شركات صناعة السيارات الألمانية الفارهة من المشاركة فى السوق الأمريكية، وأنه متمسك بمنع سيارات مرسيدس بنز من السير فى نيويورك فإن فرص الحرب التجارية بين أمريكا وألمانيا سوف تصبح قوية، يؤكد ذلك أن إدارة الرئيس ترامب فتحت أخيراً تحقيقاً تجارياً مهماً بشأن ما إذا كانت واردات أمريكا من السيارات الألمانية قد أضرت بقطاع السيارات الأمريكي، وثمة اقتراح أمريكى بفرض 25 فى المائة رسوماً جمركية على واردات أمريكا من السيارات الألمانية. ويجمع الخبراء على أن حرباً تجارياً سوف تقع بالفعل وأن الأمور سوف تزداد سوءاً إذا طبقت الولايات المتحدة تهديداتها بفرض رسوم على وارداتها من السيارات الأوروبية.
المصدر :جريدة الأهرام
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع