بقلم : مكرم محمد أحمد
فعلت الدولة العميقة في الولايات المتحدة أوكما يختصرونها (الاستابلشمنت) كل ما تستطيع من اجل ان تقتل وتفشل فرص نجاح المرشح الجمهوري ترامب!،وسخرت مؤسسات الاعلام بصورة فجة كي ترسم للرجل صورة مرعبة يستحيل ان تكون أهلا لتولي منصب رئيس الولايات المتحدة!، ووجهت استطلاعات الرأي العام كي تزيف جميع النتائج قبل ساعات من موعد انتخابات الرئاسة بما يؤكد تفوق المرشحة هيلاري كلينتون في كل الولايات بنسب تتراوح ما بين 5% و2%!،لكن جمهور ترامب العنيد أصرعلي الصمود بقوة إلي جوار مرشحه رغم محاولات هدمه المستمرة،إلي أن انفجرت النتائج قبل منتصف الليل في مفاجأة كبري اذهلت العالم اجمع، ومكنت ترامب من هذا الفارق الكبير الذي حققه الجمهوريون في اكتساحهم انتخابات الرئاسة وانتخابات مجلسي الشيوخ والنواب،كما فضحت في الوقت نفسه كل مؤسسات الدولة العميقة،بما في ذلك الاعلام ومراكز الدراسات والبحوث ومؤسسات استطلاع الرأي العام التي اكتشف الجميع زيف مواقفها!.
وبسبب عناد وصلابة جمهور ترامب الانتخابي الذي يتشكل اساسا من البيض الامريكيين اصحاب الياقات البيضاء والزرقاء الذي يشكلون قطاعا عريضا من الطبقة الوسطي الدنيا ويعملون في المدن الصناعية، ويعانون حصارا محكما بسبب اعداد المهاجرين وسيطرة العولمة علي كل مناحي الحياة بصورة جعلت هؤلاء البيض يحسون التهميش ولا يجدون لانفسهم صدي في مؤسسات الدولة الحزبية والسياسية، ويتحولون اخيرا إلي قوة تمرد هائلة قلبت المائدة علي رءوس النخبة الامريكية الحاكمة في الاحزاب وطبقة السياسيين والمصارف والهيئات الحاكمة في معظم مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
وفي ضوء هذه الحقائق الجوهرية يخطئ من يتصور ان ترامب مجرد عرض طارئ في الحياة الامريكية،اومجرد احمق او مجنون خارج اطار الدولة والمؤسسات يفتقد الجذور التي تمكنه من ان يكون جزءا من مستقبل جديد للولايات المتحدة!.
وربما يكون خطأ الديمقراطيين الذين خسروا الجمل بما حمل، انهم اختاروا هيلاري كلينتون منافسة اساسية لترامب!، رغم انها لاتتمتع بثقة شرائح عديدة من ابناء الطبقة الوسطي تعقتد ان هيلاري تربحت من وظيفتها، وصنعت مع زوجها بيل كلينتون ثروة هائلة من وراء عملهم السياسي!، وانها لم تكن امينة بالقدر الكافي علي بريدها الالكتروني!، وخلطت بين العام والخاص..،ولهذه الاسباب فان نجاح ترامب المفاجئ لن يكون مجرد حدث امريكي طارئ وربما يكتشف الجميع غدا انه اهم المتغيرات العالمية، واكثرها تأثيرا علي المسرح السياسي للشرق الاوسط.