بقلم : مكرم محمد أحمد
ما حدث في قضية فطر القمح عندما قرر وزير الزراعة منفردا العدول عن سياسات زراعية مستقرة تحدد نسبة المسموح به من هذا الفطر في حدود آمنة قررتها منظمتا الاغذية والزراعة (الفاو) والصحة العالميتان يثير اسئلة عديدة حول جدوي سياساتنا الزراعية الراهنة!، ومدي قدرتها علي زيادة إسهام الناتج الوطني الزراعي في تدبير غذاء المصريين الذي لايزال يعتمد 60% منه علي الاستيراد من الخارج!، وجدوي صلاحية هذه السياسات في ظل متغيرات جديدة تتعلق بمشكلات نقص المياه، وتفتيت المساحات المنزرعة، والحاجة إلي الالتزم بتركيب محصولي يحقق مصلحة الفلاح ويهتم بمتطلبات استراتيجية غذاء جديدة تعتمد علي الإنتاج الوطني!.
وبرغم وجود خبراء زراعيين مصريين علي مستوي عال من أمثال د.عادل البلتاجي وسعد نصار وعبدالحميد الدمرداش وغيرهم كثيرون، بح صوتهم من أجل إعادة النظر في سياساتنا الزراعية دون جدوي، ينفرد وزير الزراعة وحده بتقرير هذه السياسات وتغييرها دون مرجعية واضحة كما حدث أخيرا في قضية فطر القمح، الامر الذي كاد يخرب علاقتنا مع الروس دون مبرر موضوعي!، ويفشل جهودا طويلة لتحسين صادراتنا الزراعية إلي روسيا وعودة السياحة الروسية..، والمؤسف في الصورة، إنه كما تشدد الوزير كثيرا في فرض سياساته الخاطئة متحديا الجميع! تراجع بسرعة الصاروخ تحت ضغوط رئيس الوزراء!.
ولفترة طويلة يطالب المهندس عبدالحميد الدمرداش نائب رئيس لجنة الزراعة في البرلمان بعقد مؤتمر علمي يضم هذا الحشد الكبير من خبراء الزراعة والري المصريين، بهدف تطوير سياساتنا الزراعية بما يتوافق مع متغيرات المناخ وتأثيراته المحتملة،والنقص المتوقع في وارداتنا المائية، وتفتيت المساحات المزروعة علي نحو يعيق تحسين محاصيلها، فضلا عن النقص الفادح في المعلومات الأساسية بسبب سوء تقدير حساب المساحات المنزرعة رغم وجود تقنية الأقمار الصناعية التي يمكن ان تحدد بدقة بالغة حجم مساحات المحاصيل الزراعية،وتأكل الابحاث العلمية إلي حد مؤلم وقد كانت مصر قبل عقود واحدة من أهم مراكز تطوير بحوث الزراعة، ومع الاسف ما من مجيب لدعوة هذا المؤتمر العلمي المهم رغم الحاجة الملحة لانعقاده بسبب التدهور المستمر في احوال الزراعة المصرية..، ولهذه الأسباب أناشد رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل ان يدعو إلي عقد هذا المؤتمر العلمي لمناقشة سياساتنا الزراعية الراهنة، شريطة ألا تكون السيادة فيه للبيروقراطية الحكومية التي تتجاهل متغيرات كثيرة تفرض ضرورة المراجعة.