بقلم : مكرم محمد أحمد
فى الوقت الذى أعلن فيه بعض قادة الحزب الجمهورى وعلى رأسهم جون ماكين رئيس لجنة الأمن الوطنى رفضهم لسياسات الرئيس الجمهورى الجديد ترامب فى التقارب مع الرئيس الروسى بوتين، بدعوى أن بوتين قام بغزو جيرانه فى أوكرانيا ويعيد بناء نظام حكمه الديكتاتورى ويعادى الديمقراطية الغربية، خرج الرئيس الامريكى اوباما المنتهية خدمته على العالم فى مؤتمر صحفى مفاجيء، يعلن فيه رغبة واشنطن فى تحسين العلاقات مع روسيا لان روسيا دولة قوية نافذة تؤثر فى مجريات العالم فضلا عن دورها المتزايد فى الشرق الأوسط، مطالبا بضرورة فتح صفحة جديدة فى علاقات البلدين،وكأنما أراد اوباما مساندة رئيس الجمهورية ترامب فى مواجهة خصومه المحافظين داخل الحزب الجمهورى الذين يتمسكون بمعايير الحرب الباردة واستمرار العداء الامريكى الروسي.
ورغم ان سياسات الرئيس الأمريكى اوباما أثناء وجوده فى البيت الأبيض حافظت على توتر العلاقات بين القطبين إثر الغزو الروسى لاوكرانيا وفرضت عددا من العقوبات الدولية على روسيا، إلا أنها تركت مساحة واسعة لعدد من اللقاءات الثنائية على مستوى الرئيسين وعلى مستوى وزيرى خارجية البلدين بهدف تنظيم أدوات صراعهما فى المناطق المتنازع عليها خاصة سوريا، كى لا يتحول الأمر إلى مجابهات تؤثر على الأمن والسلم الدوليين، لكن هذه اللقاءات لم تنجح فى حسم أى من المشكلات الدولية والإقليمية! ولم تحقق الانفراجة المأمولة لانهاء الحرب الأهلية السورية التى تحولت إلى كارثة إنسانية يصعب على الضمير الانسانى تحمل نتائجها!.
ولا يبدو واضحا حتى الآن الأسباب التى دفعت الرئيس اوباما المنتهية خدمته إلى الحديث عن ضرورة تحسين العلاقات بين واشنطن وموسكو، إلا أن الأمر المؤكد أن هذه التصريحات سوف تعزز توجه الرئيس الجمهورى الجديد ترامب إلى تحسين علاقاته مع موسكو رغم معارضة بعض الجمهوريين وبعض أجهزة المعلومات والتخابر الأمريكية، التى تعتقد أن موسكو حاولت التأثير فى انتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة، ونجحت فى اختراق البريد الالكترونى للجنة الوطنية للحزب الجمهورى وربما تكون قد نجحت فى اختراق البريد الالكترونى للمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون.
ولا اظن ان للعرب مصلحة فى استمرار حالة التوتر والحرب الباردة بين موسكو وواشنطن خاصة أن تقارب القطبين يمكن أن يساعد على إنهاء الحرب الأهلية السورية بحيث تتفرغ كل الجهود للحرب على داعش وباقى تنظيمات الإرهاب واجتثاث جذورها من الشرق الأوسط.