بقلم : مكرم محمد أحمد
الأهم من تعويم الجنيه المصرى الذى تم بنجاح بالغ لأن المصريين وقفوا على قلب رجل واحد دفاعا عن دولتهم، ورفضوا دعوات الفوضى غير البناءة التى استهدفت تدمير الدولة المصرية كما حدث فى العراق وسوريا وليبيا، تعزيز قدرة مصر على كسب المزيد من العملات الصعبة سدادا لاحتياجاتها المتصاعدة من الواردات الخارجية التى يتجاوز حجمها الآن 80 مليار دولار فى العام..، وأظن ان أقصى ما يمكن ان يحققه تعويم الجنيه ان يعيد التعامل بالدولار إلى البنوك بدلا من السوق السوداء فضلا عن ان وجود سعرين للدولار يضر بالاقتصاد الوطنى ومصالح المستثمرين الذين تضطرب أحوالهم فى غيبة التنبؤ الدقيق بأحوال سوق مستقرة!..،
وبمعنى آخر أكثر تحديدا فإن تعويم الجنيه يضمن مرور حصيلة مصر من العملات الصعبة من بوابة البنوك، ويلغى فرص المضاربة على سعر الدولار فى السوق السوداء لكن زيادة حصيلة مصر من العملات الصعبة تظل رهنا بنشاطين اساسيين هما تزايد قدرة مصر على التصدير إلى الخارج ونجاحها فى استعادة السياحة..،
وأظن ان الطريق الاكثر ضمانا ونجاحا الآن هو تعزيز قدرة مصر على التصدير التى لاتزال جد متواضعة (30مليار دولار تشمل المواد البترولية) خاصة ما يتعلق منها بالصناعات الصغيرة والمتوسطة التى تستوعب أكثر من 70% من قوة العمل المصرية، وتشمل صناعات الجلود والملابس الجاهزة والاحذية والاثاث وكلها صناعات مهمة تحقق فيها اليد العاملة المصرية مهارات ذائعة الصيت لا ينقصها سوى بعض لمسات الاتقان الاخيرة لكى تغزو اسواق العالم بنجاح بالغ وتدر على مصر فيضا من العملات الاجنبية، ومع ان الصناعات الصغيرة والمتوسطة هى أكثر الطرق لتنمية الصادرات الخارجية واهمها فإنها لاتلقى بعد الاهتمام العملى الكامل الذى يجعل منها نشاطا تصديريا مهما رغم كثرة الحديث عنها فى ظروفنا الراهنة!.
وبرغم كثرة الحديث عن ضرورات الاهتمام بالصناعات الصغيرة والمتوسطة والوعود المتكررة بوجود أكثر من 200 مليار جنيه فى البنوك مخصصة لدعم هذه الصناعات، فإننا لا نرى حتى الآن خطة متكاملة لتشجيع هذه المشروعات تحقق جودتها وتوفر فرص الارتقاء بها ذوقا واناقة وتنوعا كى تتمكن من منافسة مثيلاتها فى الأسواق الخارجية..، وما ينبغى ان يعرفه الجميع أن صناعات الاحذية والملابس الجاهزة والاثاث الايطالى الخفيف تدر على إيطاليا عملات صعبة تفوق حصيلتها من صادرات السلع الصناعية الكبيرة واهمها صناعة السيارات.