بقلم :مكرم محمد أحمد
لماذا هرع وزير خارجية أمريكا تيرسون إلى الكويت، وهو الذى وصف مطالب الدول الأربع، السعودية ومصر والإمارات والبحرين بأن معظمها غير واقعى يصعب قبوله أو تنفيذه. يتعجل إغلاق ملف الأزمة القطرية ورفع الحصار البرى والجوى والبحرى عن قطر فى محاولة وساطة جديدة، دون أن تكون لديه الضمانات الكافية بأن قطر سوف تستجيب لمطالب أساسية أولها، وقف تمويل الإرهاب وقطع علاقاتها بجماعة الإخوان وإسكات تليفزيون الجزيرة بعد أن خرج على قواعد الحرفية والمهنية وتحول إلى بوق كاذب وإغلاق القاعدة العسكرية التركية فى الدوحة؟!، ولماذا سبقه وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، رأس الحربة، إلى الإمارات فى جهد أمريكى غربى مشترك يستهدف إنقاذ قطر من مأزقها الراهن، رغم اعتراف الرئيس الأمريكى بأن قطر هى الممول التاريخى للإرهاب، ورغم الأضرار الجسيمة التى لحقت بأمن بريطانيا من جراء جرائم الإرهاب فى مانشستر وفوق كوبرى لندن؟!. وهل يمكن أن تنجح الحرب على الإرهاب فى ظل هذه المعايير المزدوجة التى تعمل ضد توافق المجتمع الدولى على ضرورة اجتثاث الإرهاب؟!
وإذا كان صحيحا أن تيرسون سوف يبقى فى المنطقة لأكثر من اسبوع يقوم خلاله برحلات مكوكية بين قطر والدول الأربع, أملا فى تسوية سريعة للأزمة، إعتمادا على أن كلا من قطر والدول الأربع ترغب فى الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وتعتقد أن إدارة الرئيس ترامب تختلف عن ادارة سابقه أوباما، وأنها جادة بالفعل فى حربها على الارهاب، فما الذى يمكن أن يقدمه تيرسون للدول الأربع التى عانت طويلا من تجاوزات قطر، ولها تجارب مريرة سابقة معها، انتهت عام 2013 باتفاق الرياض الذى التزمت فيه قطر بمعظم البنود التى وردت فى مطالب الدول الأربع، لكن قطر سرعان ما ضربت باتفاق الرياض عرض الحائط، وهل يمكن أن تصلح وساطة تيرسون وتابعه البريطانى إن كانت نقطة البدء فى وساطتهما أن مطالب الدول الأربع غير واقعية يصعب قبول معظمها أو تنفيذها؟!
نعرف جيدا أن هناك رغبة غربية أمريكية فى مكافأة قطر على الدور الذى قامت به فى تكسير وتخريب العالم العربى خلال فترة حكم الرئيس أوباما تحت شعار« الفوضى البناءة»، وفى إطار سياسة حمقاء تعتقد أن تسليم الحكم لجماعة الإخوان فى الشرق الأوسط هو أقصر الطرق لتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر، لكننا نعرف باليقين أنه ما لم تتلق قطر عقابا واضحا على دورها التخريبى فى مصر وسوريا وليبيا وفلسطين، وتدفع عنه التعويضات المناسبة، فإن ريمة سوف تعود لعاداتها القديمة، تحاول تخريب مصر وتسعى لتقسيم السعودية وتشعل الفتنة نارا بين السنة والشيعة فى البحرين وتتآمر على الامارات وتشجع على بناء تنظيم سرى لجماعة الاخوان هناك. كشفه الجنرال ضاحى خلفان على الملأ!،
وأظن أن الجميع يعرف أن الحرب على الإرهاب لايمكن أن تنتج أثرها إذا استمرأت بعض الدول المارقة تمويل جرائم الإرهاب بينما تدفع دول أخرى التضحيات الجسام من دماء أبنائها الشهداء!
ولهذه الأسباب ينبغى أن يكون رد الدول الأربع على وساطة تيرسون وتابعه البريطانى حاسما، يرفض أى تسوية سياسية للأزمة ترفع الحصار عن قطر، ما لم تقطع قطر دابر علاقتها بجماعات الإرهاب فى اتفاق جلى واضح مشمول بالنفاذ العاجل تحصنه ضمانات دولية ونظام مراقبة ومتابعة شفاف، يعتبر جماعة الإخوان على جميع المستويات الاقليمية والدولية جماعة إرهابية لأن تجربة الحرب على الإرهاب تؤكد بوضوح بالغ استحالة إجتثاث الإرهاب مع استمرار نشاط جماعة الإخوان لأنها أصل العنف ومنبعه الذى خرجت منه جميع جماعات الارهاب.
المصدر : صحيفة الأهرام