بقلم : مكرم محمد أحمد
تحصد تركيا نتائج تقلب سياسات رئيسها رجب الطيب أردوغان وتضارب مواقفه علي امتداد الأعوام الاخيرة، وانتقالها من النقيض إلي النقيض، خاصة بالنسبة لداعش التي كانت موضع رعايته، يفتح حدوده علي مصاريعها لتهريب الأسلحة وتمرير المقاتلين القادمين من كل فج كي يحاربوا إلي جوارها في سوريا والعراق قبل أن ينقلب عليها أخيرا، فضلا عن تعامله الفج مع الازمة السورية التي زادت من اعداء تركيا وعزلتها عن محيطها الاقليمي، وأدت إلي استقطاب داخلي حاد باعد كثيرا بين مواقف حزب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة التركية التي تعتقد أن تركيا ورطت نفسها في مأزق ضخم بتدخلها السافر في الشأن السوري.. ويزيد من تعقيد موقف أردوغان إصراره علي رفض أي حوار مع الأكراد، وغضبه المتزايد من علاقات التحالف التي تربط الولايات المتحدة والأكراد السوريين، الذين تعتبرهم واشنطن أكثر الأطراف التزاما بجدية الحرب علي داعش.
ولا تمر برهة، وقت قصير قبل أن تضرب يد الإرهاب تركيا في مقتل، ويسقط عشرات القتلي والجرحي بين الحين والآخر بفعل داعش التي تخوض حربا ثأرية ضد أردوغان عقابا علي خيانته لها، أو الأكراد الذين يوجعون تركيا بعملياتهم الارهابية التي تخترق معظم المدن التركية،ويزيد من حدة الموقف تحالف أردوغان الجديد مع الروس وانغماسه في ترتيب تسوية سياسية ساعدت علي خروج المعارضة السورية من مدينة حلب لا تلقي تأييدا كافيا من بعض اجنحة حزبه العدالة والتنمية التي تعتبر سياسات أردوغان الجديدة نكوصا عن المبادئ، ورضوخا للروس والتزاما بحكم بشار الأسد وخيانة لمبادئ الحزب وأهدافه.. لكن الأخطر من جميع ذلك التأثير المتزايد للحرب السورية علي أوضاع الداخل التركي إلي حد استنزاف جهود تركيا الداخلية وتوريط الجيش التركي في عمليات عسكرية داخل سوريا اهمها معركة مدينة الباب التي تكبد فيها الجيش التركي خسائر كبيرة نالت من هيبة تركيا وألقت ظلالا كثيفة علي قدرة الجيش التركي علي حماية امن تركيا والحفاظ علي وحدتها، كما شككت في قدرة تركيا علي أن تكون جزءا من عملية أمن دول الخليج تستطيع موازنة تدخل إيران السافر في المنطقة!، ويضاعف من خطورة الموقف أن أردوغان لا يملك بالفعل أي حلول تساعده علي الخروج من هذا المأزق الصعب في ظل التوتر المتزايد في علاقاته مع الولايات المتحدة بعد أن أصبح جزءا من خطط الروس وبرامجهم شرق المتوسط.
المصدر : صحيفة الاهرام