بقلم : مكرم محمد أحمد
ما من سياسى فى العالم مهما تكن انتهازيته يمكن ان يتفوق على الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان فى تقلب مواقفه كالحرباء..، واظن ان العالم اجمع لا يزال يذكر سخرياته المريرة من المرشح الجمهورى دونالد ترامب، لكن ما أن وقت المفاجأة ونجح ترامب حتى كان اردوغان ضمن الفوج الاول للمهنئين!.
وقبل يومين عاد اردوغان ليهدد الاوروبيين بفتح حدود تركيا أمام آلاف اللاجئين السوريين لان البرلمان الاوروبى صوت بأغلبية 479صوتا مقابل 37صوتا وامتناع 130 على قرار بتجميد مفاوضات عضوية تركيا فى الاتحاد الاوروبى رغم ان اردوغان قبض 3مليارات يورو ثمنا لهذه المهمة، عندما احتشد قبل اقل من عامين 120الف سورى على مركز (كابى كولا) على الحدود التركية البلغارية يريدون العبور إلى البلقان عبر بحر ايجه لكنهم فشلوا، لان اردوغان انهى مفاوضاته مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بالموافقة على اغلاق حدوده امام الهجرة السورية مقابل 3مليارات يورو، ووعد بدخول الاتراك إلى اوروبا دون تأشيرة دخول مسبقة.
والمدهش فى الموقف ان كل الكتل السياسية الممثلة لكل الاحزاب الاوروبية، يمينا ووسطا ويسارا وافقت على قرار التجميد بسبب حملة القمع الشديد التى طالت معارضى اردوغان من الصحفيين والمثقفين وهيئات تدريس الجامعات مستثمرا الانقلاب العسكرى الاخير للتخلص من كل خصومه السياسيين!.
وثمة مخاوف حقيقية من ان تؤدى تهديدات اردوغان إلى صعود احزاب اليمين الاوروبى إلى السلطة فى الانتخابات القادمة فى كل من هولندا وفرنسا والمانيا التى ترفض الهجرة إلى اوروبا، وتعتبر وجود المزيد من المسلمين والعرب ضمن مواطنى الدول الاوروبية خطرا يهدد امن اوربا وهويتها وثقافتها، خاصة مع زيادة تطرف مواقف بعض هذه الاحزاب إلى حد المطالبة بطرد هذه الجاليات وإعادتها إلى اوطانها الاصلية مع ان المهاجرين من اصول عربية واسلامية انتجوا جيلا ثالثا ولد وعاش وتربى فى مدارس اوروبا.
وبرغم الغضب الاوروبى الواسع من تهديدات اردوغان تميل معظم الحكومات الغربية إلى عدم التشدد مع الرئيس التركى رغم المليارات الثلاثة التى قبضها، خوفا من أن ينفذ تهديداته ويفتح حدوده أمام جحافل الهجرة السورية الراغبة فى العبور إلى أوروبا.