ترامبمجرد جس نبض

ترامب..مجرد جس نبض!

ترامب..مجرد جس نبض!

 العرب اليوم -

ترامبمجرد جس نبض

بقلم : مكرم محمد أحمد

لا جدال في أهمية وخطورة العلاقات المصرية الامريكية في المرحلة القادمة لضمان أمن الشرق الاوسط واستقراره، ولتحقيق انتصار حاسم علي الارهاب يحاصر جماعاته ويجتث جذورها، ولمواجهة تحديات عملية الاصلاح الاقتصادي وتجنيب الفئات الاقل قدرة آثارها الجانبية الصعبة ضمانا لاستمرار المسيرة وحفاظا علي مستوي الرضا العام..، ولا جدال في ان وجود الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في البيت الابيض، يمثل فرصة مهمة وحيوية لمصر، لاعادة تشكيل صورتها في الذهن الامريكي كحليف استراتيجي في الحرب علي الارهاب، ودولة ناهضة تسعي لتحسين جودة حياة مواطنيها، في إطار التزام واضح بالدولة القانونية الديمقراطية التي تحترم حقوق الانسان وتعتمد علي مؤسسات المجتمع المدني، ولاتري لنفسها طريقا آخر سوي بناء مجتمع مدني حديث ينتصر للحريات العامة والخاصة، ويحتفي بالرأي والرأي الآخر ويوسع نطاق مشاركة المجتمع الاهلي، ويري المعارضة جزءا من الحكم.

وأظن ان الواجب الاول لمصر في هذا المجال، ان تثبت زيف الصورة التي رسمتها إدارة الرئيس الامريكي اوباما لمصر بعد ثورة يونيو كدولة أوتوقراطية يحكمها جنرال من القوات المسلحة، لاتهتم كثيرا بحقوق الانسان، تتسم فيها اجهزة القمع بالغلظة والحماقة، تقيد حريات الرأي والصحافة، وتطارد كل صاحب رأي مخالف، تقمع تيارات الاسلام المعتدلة لصالح المزيد من قوي التطرف التي تعمل تحت الارض!!، ومع الاسف تسود هذه الصورة عن مصر الاعلام الامريكي!، وتشكل البعد الاهم في رؤية الكثير من أعضاء الكونجرس، ديمقراطيين وجمهوريين علي حد سواء، وتكاد تشكل الانطباع العام الذي يسيطر علي الرأي العام الامريكي!..، وهي صورة جد مغلوطة حذف منها بعناية وقصد مشاهد اساسية اهمها، تظاهرات يونيو التي جاوز عددها 30مليون نسمة يعلنون رفض حكم المرشد والجماعة شملت كل مدن مصر ومحافظاتها،كما حذف منها المشاهد المسلحة في أعتصام رابعة، وتظاهرات جماعة الاخوان المسلمين المسلحة فوق كوبري 6أكتوبر بعد انفضاض اعتصام رابعة، وتهديدات محمد البلتاجي باستمرار عمليات سيناء إلي ان يتم الافراج عن محمد مرسي، وركوب قناصة الاخوان معظم العمارات التي تحلق ميدان التحرير،وحرائق اقسام الشرطة ودور المحاكم وحصار المحكمة الدستورية العليا وطوابير الناخبين تمتد عدة كيلو مترات وتزدحم بنساء مصر لانتخاب السيسي رئيسا بنسبة اجماع عالية..، حذفت كل هذه المشاهد عمدا من الصورة الاصلية كي تعطي انطباعا خاطئا لا يزال مع الأسف يشكل الصورة الذهنية لمصر في العقل الامريكي.

وأظن ايضا ان ما يساعد مصر علي كشف هذا الزيف الخطير الفشل الذريع الذى منيت به سياسات الرئيس الامريكي اوباما في الشرق الاوسط، وانسحابه المهين من المنطقة مخلفا وراءه خرائب صراعاته في العراق وليبيا واليمن، ونتائج الفوضي العارمة لربيعه الكاذب، وجمود ازمة الشرق الاوسط مع تزايد حدة ومرارة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وهيمنة إيران المتزايدة علي اقدار المنطقة، وانصرام التحالف العربي من حول سياسات واشنطن، وتزايد نفوذ الروس شرق المتوسط، وبروز دور جماعة الاخوان المسلمين المتزايد كجماعة إرهابية، وسقوط المثال التركي الذي تكشفت ملامحه الحقيقية في استبداد يخنق كل صوت حر!.

وما يزيد من فرص نجاح مصر في كشف زيف أبعاد هذه الصورة، ان الرئيس الجمهوري الجديد دونالد ثرامب يعرف جيدا حجم الغبن الذي وقع علي مصر لتغطية فشل سياسات اوباما وتحالفه الخاسر مع جماعة الاخوان المسلمين، الذي وصل إلي حد عقاب مصر ومنع وصول طائرات الاباتشي واف 16 وقطع غيار الاسلحة الامريكية، وحصار مصر اقتصاديا والتضييق علي مصالحها رغم انها تخوض معركة جادة ضد الارهاب، تشكل خط الدفاع الاول عن امن السعودية ودول الخليج وباقي العالم العربي.

وربما يخلص موقف الادارة الامريكية الجديد من مصر في هذه العبارة الموجزة التي جاءت علي لسان نائب الرئيس الامريكي الجديد مايك بينس في لقائه مع وزير الخارجية المصري سامح شكري في رحلته الاستكشافية الاخيرة إلي واشنطن (مصر شريك استراتيجي في الحرب علي الارهاب، واستقرارها ودعمها ونجاحها يمثل مصلحة امريكية مباشرة، لاننا نعرف جيدا حجم التضحيات التي تبذلها).

استهدف سامح شكري من رحلته الاستكشافية الاخيرة، إدراك مدي قدرة إدارة ثرامب الجديدة علي كسب مساحات متزايدة من الرأي العام الامريكي، وحجم الاعتبارالذي توليه هذه الادارة لمصالح مصر وتحدياتها، ومدي جديتها في الحرب علي الارهاب، خاصة ان الرئيس الامريكي ترامب ظهر عكس ما توقع كثيرون، واسقط تباعا الكثير من التحفظات التي أحاطات بشخصه خلال الحملة الانتخابية، وكذب كل توقعات اوباما وظهر علي نحو لائق بمكانة الرئيس الامريكي، ونجح في توسيع نطاق مؤيديه، وزاد من ترحيب دوائر امريكية عديدة مهمة كان يساورها الكثير من القلق حول خياراته المحتملة..،وابتداء من مجموعة الجنرالات المتقاعدين التي تولت في ادارته الجديدة مهام الدفاع والامن القومي والهجرة والامن الداخلي وشئون الاستراتيجية والذين عرف عنهم جميعا الانضباط وحسن السمعة والمكانة المتقدمة في صفوف المؤسسة العسكرية الامريكية، إلي وزير الخارجية الجديد ريكس تليرسون الرئيس السابق لشركة موبيل للبترول وواحد من اهم اصدقاء الرئيس الروسي بوتين الذي يلقي مساندة قوية من عدد من ابرز الساسة الامريكيين في مقدمتهم جيمس بيكر وزير الخارجية الاسبق، تحظي إدارة ثرامب الجديدة بثقة متزايدة في الداخل الامريكي يؤهلها بالفعل لان تخوض حربا ناجحة علي الارهاب.

والواضح ايضا ان رسائل وزير خارجية مصر سامح شكري إلي الادارة الجديدة كانت رسائل جد ذكية، تصدق القول وتنهض علي حقائق مهمة تنوعت مضامينها لتشمل قضايا الارهاب والاصلاح الاقتصادي وحجم التوجه الديمقراطي، وموقف مصر من المجتمع المدني والجمعيات الاهلية، ومدي احترامها لحقوق الانسان، خاصة ان لقاءات وزير الخارجية المصري شملت مجموعات واسعة من رؤساء لجان الكونجرس في المجلسين، المسئولة عن قضايا المساعدات والامن والقوات المسلحة والعلاقات الخارجية..،وبأختصار شديد أكدت مصر في هذه الرسائل المكثقة علي عدد من الحقائق المهمة :

اولها،انه ليس صحيحا ان الارهاب يتسع في مصر ليشمل كل سيناء، وان الجماعة الارهابية هناك تنحصر في مساحة لاتزيد علي 2% من حجم شبه الجزيرة، هي المساحة المحددة ما بين رفح والعريش، وان ما يؤخر الحسم العسكري هو وجود الأهلى الذين يتحتم توفير كل صور الحماية لهم خاصة انهم يدعمون عمليات القوات المسلحة، ويشكلون شبكة حيوية لمساندة مصر في معركتها ضد الارهاب في سيناء، وان الخطر الحقيقي يكمن في تنظيمات جماعة الاخوان المسلمين في الداخل التي تمارس العنف بصورة مكشوفة وتعيد احياء نظامها السري الخاص، وتعمل بنشاط لتخريب اقتصاد مصر الوطني وزيادة حدة ازماتها السوقية، ويلفظها الشعب المصري بصورة نهائية.

وثانيتها،ان الاصلاح الاقتصادي بات ضرورة حتمية بعد ان جري اهماله لعقود طويلة تجنبا لاتخاذ قرارات صعبة كان ينبغي اتخاذها منذ عقود! وان الرئيس السيسي اتخذ بشجاعة فائقة قرارت صعبة ومصيرية لم يسبقه اليه اي رئيس اخر مهما علت مكانته، وان الشعب المصري تقبل قرارت تعويم الجنيه ورفع اسعار الوقود وتقليل حجم الدعم رغم صعوباتها الفائقة ثقة منه في قيادته ورغبة في تحقيق الاصلاح.

وثالثتها،ان برنامج المساعدت العسكرية لمصر لم يزل ثابتا علي مدي 30عاما رغم الاعباء الضخمة التي تتكبدها مصر في حربها علي الارهاب، سواء علي الجبهة الشرقية في سيناء ام علي الجبهة الغربية بأمتداد حدود مصر مع ليبيا التي تطول لاكثر من 1200 كيلو متر، وان المؤسسة العسكرية المصرية تشارك بدور حيوي واستراتيجي في منع اختراق جماعات الارهاب لحدود مصر الشرقية والغربية والجنوبية دفاعا عن امن مصر وامن الشرق الاوسط وامن العالم العربي وصولا إلي البحر الابيض بعمقه الاوروبي ..،وما من سبيل لاستمرار صمود مصر في حربها علي الارهاب امن الشرق الاوسط واستقراره امن البحر الابيض المتوسط سوي زيادة حجم الدعم العسكري الامريكي.

ورابعتها، ان مصر دولة مؤسسات يهمها وجود برلمان قوي متنوع يعكس طبيعة القوي السياسة في المجتمع المصري علي اختلاف انتماءتها، ومجتمع أهلي مدني متنوع يقوم بدوره في المشاركة في عملية التنمية من خلال قطاع خاص رائد يؤمن بحرية التجارة ويعزز المشروع الفردي، ويسعي لتنمية التجارة الدولية، وصحافة حرة تعبر عن كل الاراء، كما ان الخيار الديمقراطي هو الهدف المنشود من قيام دولة مدنية قانونية تحترم حقوق الانسان، وان في مصر عشرات الالاف من الجمعيات الاهلية التي يمكن ان تغير قانونها لان كل ما تريده مصر من النشاط الاهلي ألا يكون بابا للتربح،وان يتسم بالعلانية والشفافية،ويعلن حجم تمويله الداخلي والخارجي، وما عدا هذه القضايا الاساسية يمكن تعديله وتغييره.

و الحق ان مصدر الالتباس والخطأ في هذه العلاقة الشائكة مع الولايات المتحدة لايزال يكمن في بقايا تفكير قديم يسيطر علي رؤوس البعض، يتصور امكانية ان نصدر للاخرين صورة آخري لمصر غير صورة واقعها الذي نعيشه!، في عصر انتفت فيه الاسرار واصبحت الحقائق ملك الجميع، وتوافر للخارج في معظم الاحيان معلومات عن الداخل ربما تكون اكمل واشمل وأكثر دقة..، ولو ان قانون الجمعيات الذي صدر في مصر وضع في حسبانه فقط ضمان العلانية والشفافية ومصادر التمويل المعلنة دون هذه النواهي الكثيرة التي كبلت بنود القانون واحالته إلي مجموعة من المحرمات، لكان قبوله في الداخل والخارج أكثر يسرا.

والاكثر خطورة واهمية من ذلك، ان يدخل في حسبان البعض ان دعم الرئيس الجمهوري ترامب لمساندة امريكية قوية لمصر تساعدها في حربها علي الارهاب، تغني عن مواصفات وشروط أخري تلزمها أحترام حقوق الانسان وزيادة حجم المشاركة لمؤسسات المجتمع الاهلي .

وسواء كان الرئيس الجمهوري ترامب جادا في متابعة قضايا حقوق الانسان ويعمل علي تشجيع العمل الاهلي، ام ان هذه القضايا لا تدخل في بؤرة اهتماماته الاساسية كما يفعل الديمقراطيون، فان ترامب ليس كل الولايات المتحدة!، هناك الكونجرس الامريكي الذي ربما يكون اكثر التزاما بهذه القضايا، وهناك اجهزة المعلومات والامن،وهناك البنتاجون بتأثيراته الحاسمة علي تحالفات امريكا العسكرية، وهناك اجهزة الاعلام ومؤسسات الراي العام الامريكي،وجميع هؤلاء شركاء في صنع القرار الذي غالبا ما يكون حصيلة حوار وتفاعل كل هذه المؤسسات، بما يعني ان من المهم ان نحسن العمل ونتقنه، ونقدم الصورة الحقيقية دون تزييف لان ذلك مطلوب لذاته، ولانه يحقق صالح مصر الوطني قبل أن يكون في صالح الاخرين.

المصدر : صحيفة الأهرام

arabstoday

GMT 08:43 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

ترامب فى آخر طبعة تغيير جذرى فى المواقف!

GMT 09:11 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أمريكا تدعم حفتر فى حربه على الإرهاب

GMT 08:27 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أمريكا تُعزز وجودها العسكرى

GMT 07:30 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

هل يحارب أردوغان قبرص؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامبمجرد جس نبض ترامبمجرد جس نبض



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab