بقلم - مكرم محمد أحمد
فشل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بعد ثلاثة أيام من زيارته الرسمية لبرلين فى إنجاز مصالحته مع الشعب الألمانى بسبب غروره وحماقته وإصراره على إغضاب الشعب الألمانى، بعد أن خرج على النص المكتوب وألقى بضع كلمات حمقاء، اتهم فيها الشعب الألمانى بالعنصرية ودعم الإرهاب، فى حفل العشاء الرسمى الذى أقامه الرئيس الألمانى فرانك فولتر على شرفه، فى إشارة واضحة إلى حزب العمال الكردستانى والداعية التركى فتح الله جولين الذى اتهمه الرئيس التركى بالتخطيط للانقلاب الفاشل الذى وقع عام 2016، وزاد من سوء موقف الرئيس التركى حَرسه الخاص الذى رافقه فى زيارة لمسجد كولون المركزى الذى يعد أحد أكبر المساجد فى أوروبا، حيث ألقى الرئيس التركى كلمة وسط جمع من أنصاره الأتراك، بينما انتشر حَرسه المُسلح فى الشوارع المحيطة بالمسجد مما دفع الشرطة الألمانية إلى طردهم خارج المكان، ومقابل تجمُع أنصار أردوغان فى الشوارع المحيطة بالمسجد، شهدت مدينة كولون مظاهرات حاشدة لمعارضى أردوغان تطالب بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين الأتراك، وبينهم خمسة صحفيين يحملون الجنسية الألمانية، تطالب برلين بضرورة الإفراج الفورى عنهم.
وقال الرئيس أردوغان فى معرض رده الغاضب على الرئيس الألمانى الذى أبدى ملاحظة عابرة عن حقوق الإنسان فى تركيا، إن الرئيس الألمانى يكرر معلومات خاطئة عن تركيا، بينما تؤوى ألمانيا آلاف الإرهابيين من حزب العمال الكردستانى وجماعة الداعية جولين، يمشون أحراراً فى شوارع المدن الألمانية، وكان الرئيس التركى قد التقى المستشارة الألمانية فى مباحثات استمرت أكثر من ساعتين ونصف الساعة، وعلى حين وصفت الصحف التركية زيارة أردوغان بالناجحة والتاريخية، إعتبرت الصحافة الألمانية الزيارة بمنزلة كارثة كبرى، وأنها أكثر الزيارات إثارة للجدل لأنها لم تحقق أيا من الأهداف التى ينشدها الطرفان، وكانت العلاقات الألمانية التركية قد تدهورت على خلفية الاعتقالات الواسعة التى شنها أردوغان بعد الانقلاب الفاشل، ثم تفاقم الأمر مع اعتقال أردوغان عشرات الصحفيين الألمان من أصول تركية، وخلال العام الماضى وجه الرئيس أردوغان انتقادات قاسية للسياسيين الألمان، اتهمهم فيها بالنازية بعد أن منعت برلين الوزراء الأتراك من إقامة تجمعات شعبية فى المدن الألمانية أو إلقاء خطابات سياسية، ويعيش فى ألمانيا نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون تركى، بعضهم يحمل الجنسية الألمانية ومعظمهم من حملة الجنسية المزدوجة.
وقبل وصول أردوغان إلى ألمانيا، انطلقت احتجاجات واسعة تعبر عن الاستياء من زيارة الرئيس التركى، حيث تجمع متظاهرون فى مطار برلين احتجاجاً على حال حرية الصحافة فى تركيا، وحمل المئات من الألمان والأتراك لافتات وصفت الرئيس التركى بالديكتاتور و غير المُرحب به، وفى مشهد يُلخص القمع التركى للصحفيين طرد حَرس أردوغان الصحفى التركى المعارض إرتوغرول من المؤتمر الصحفى المشترك مع المستشارة الألمانية ميركل رغم أن الصحفى يحمل التصريح اللازم لحضور المؤتمر، لمجرد أنه يرتدى قميصاً كتب عليه الحرية للصحفيين الأتراك وقال نوربرت رئيس لجنة الشئون الخارجية فى البرلمان الألمانى، لقد كان توقيت زيارة أردوغان لألمانيا خاطئاً، ومن المؤكد أن الزيارة فشلت فى تحقيق المصالحة مع الشعب الألمانى، ولا أظن أن العلاقة التركية الألمانية سوف تتحسن بعد الزيارة، لأن أردوغان تصرف بعجرفة حمقاء، ولأن المستشارة ميركل تسرعت بدعوة أردوغان إلى برلين لمساندة مشروعه بوقف الهجوم الشامل على محافظة إدلب السورية دون اعتبار لحجم الكراهية التى يكنها الشعب الألمانى للرئيس التركى!.
والواضح من الاتفاق المفصل الذى عقده الرئيس الروسى بوتين مع الرئيس التركى أردوغان حول محافظة إدلب، أن الرئيس التركى يتعرض لاختيار صعب وعصيب، خاصة أن المطلوب منه إنشاء المنطقة العازلة، ونزع سلاح جماعات الإرهاب فى إدلب بما فى ذلك القاعدة وجبهة النصرة، وطردهم خارج المحافظة، بينما يتساءل المجتمع الدولى عن جدوى خروج جماعات الإرهاب فى إدلب عبر ممرات آمنة تُمكنهم من الانتقال إلى أماكن أخرى يمارسون فيها نشاطهم الإرهابى.
ولأن الاتفاق الروسى التركى يُنظم جدولاً زمنياً لهذه المهام، فأغلب الظن أن يفشل أردوغان فى القيام بالمهام المطلوبة منه، ليعاود الروس والسوريون هجومهم الشامل على إدلب.