بقلم - مكرم محمد أحمد
أخيراً، سوف يذهب الإسرائيليون إلى انتخابات برلمانية مُبكرة سوف تجرى فى أبريل المقبل، بعد أن توافقت كل القوى السياسية داخل إسرائيل على حل الكنيست، وإجراء انتخابات جديدة بسبب أزمة الأحزاب الدينية التى تُصر على إعفاء دارسى التوراة من طلاب المعاهد الدينية من التجنيد، بينما ترفض الأحزاب العلمانية هذا التمييز الذى ينبغى من وجهة نظرها أن يكون وقفاً على طلاب المعاهد العليا الدينية فقط، ولأن غالبية تحالف الليكود الحاكم تقتصر على مقعد واحد فى الكنيست الذى يضم 120 عضوا وبالتالى احتمالية سقوط حكومة نيتانياهو، بعد أن هدد حزب يهودوت هاتوراة الدينى بالانسحاب من الائتلاف الحاكم ما لم يتم إعفاء جميع طلاب المعاهد الدينية من التجنيد، لكن ما يدعو إلى الدهشة والعجب أن الإسرائيليين لن يكون أمامهم فى انتخابات أبريل المقبل سوى إعادة انتخاب نيتانياهو فى ضوء الفراغ الكبير الذى يعانيه حزب الليكود، نتيجة عدم وجود زعامات حزبية قوية تستطيع منافسة نيتانياهو، فضلاً عن خلو سائر الأحزاب الأخرى بما فى ذلك حزب العمل من منافسين أقوياء يقدرون على هزيمة نيتانياهو، الذى يتولى حكم إسرائيل على مدى 10 سنوات سابقة، يمكن أن تمتد فترة أخرى ليصبح أطول من حكموا إسرائيل منذ إنشائها، وتفوق مدة حكمه مدد الجميع بمن فيهم بن جوريون مؤسس دولة إسرائيل، رغم أن نيتانياهو يواجه 3 اتهامات بالفساد والرشوة وتلقى الهدايا الفاخرة من رجال الأعمال فى 3 قضايا، بينها القضية 2000 التى إتهم فيها بالاتفاق مع مالك صحيفة يديعوت أحرونوت لتغطية صحفية إيجابية تجمل صورة نيتانياهو، مقابل التضييق على الصحف المنافسة!، فضلاً عن إتهامات الفساد التى تطول زوجته سارة التى خضعت لتحقيقات الشرطة والأخطر من ذلك أنه يواجه إتهامات أخرى تتعلق بأمن المدن والقرى الإسرائيلية فى محيط قطاع غزة التى تتعرض لصواريخ منظمتى حماس والجهاد، وعلى الرغم من كل هذه الاتهامات التى ضربت الكيان الصهيونى عام 2018 فإن كل إستطلاعات الرأى العام الإسرائيلى تؤكد أن نيتانياهو لا يواجه فى إنتخابات إبريل المقبل منافساً حقيقياً وأن تحالف الليكود الحاكم لا يزال الأقوى فى إسرائيل وسوف يحصل فى الانتخابات على 30 مقعداً فى الكنيست وسوف يظل بعد الانتخابات المُبكرة أكبر حزب فى البرلمان إن لم يُحقق موقعاً أفضل ويتحصل على عدد أكبر من مقاعد الكنيست أما حزب العمل الذى يقوده آفى جاباى فإن الحد الأقصى لعدد مقاعد الكنيست التى يمكن أن يتحصل عليها هو 14 مقعداً، يليه القائمة العربية المشتركة التى تُشكل التشكيل الانتخابى الثالث فى الكنيست والتى يمكن أن تتحصل على 13 مقعداً رغم الأحاديث المتداولة عن إمكانية أن يرأس القائمة العربية المشتركة النائب أحمد الطيبى ليحل مكان رئيس القائمة العربية الحالى أيمن عودة، ورغم أن إستطلاعات الرأى العام الإسرائيلى تُرشح حزب يوجو مشبتل الذى يرأسه يائير لبيد لكى يكون الحزب الثانى بعد تحالف الليكود والذى ربما يصل عدد مقاعده فى الكنيست القادم إلى 20 مقعداً ليصبح الحزب الوحيد الذى يُمكن أن يُشكل بديلاً لحكم نيتانياهو، إلا أن خلو حزب يوجو مشبتل من شخصية أمنية مرموقة يُشكل نقطة الضعف الأساسية فى الحزب، وذلك ما يجعل تحالف الليكود دون منافس حقيقى يزيد على أن تشدد نيتانياهو فى معظم القضايا المتعلقة بالفلسطينيين يعطى للإسرائيليين أسباباً كثيرة تدعوهم للتغاضى عن مشكلاته القانونية المتعلقة بالرشوة والفساد.
وأغلب الظن أن تحالفاً جديداً لحكم إسرائيل يقوده الليكود برئاسة نيتانياهو سوف يعزز رفض الإسرائيليين لقيام دولة فلسطينية تعيش فى أمن وسلام إلى جوار إسرائيل، ويزيد من صعوبات الوصول إلى تسوية عادلة للصراع العربى ـ الإسرائيلي، خاصة أن مشروع التسوية الذى تدرسه إدارة الرئيس الأمريكى ترامب تحت عنوان صفقة القرن يستبعد حل الدولتين ويستبعد أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، كما أعلنت قبل يومين مندوبة أمريكا فى الأمم المتحدة التى اطلعت على تفاصيل المشروع، ولخصت أهم أهدافه فى أنه يعطى للفلسطينيين ما هو أقل من الحكم الذاتي، ويستهدف فى الأساس تحسين أوضاعهم الاقتصادية لكنه يستجيب لمعظم مطالب إسرائيل الأمنية.