بقلم - مكرم محمد أحمد
يبدو أن سباقاً عالمياً جديداً على العودة إلى القمر قد بدأ بالفعل، تعتقد الإدارة الأمريكية الراهنة أنه بات يمثل أولوية قصوى، ويعتقد مدير وكالة ناسا للفضاء برايدون ستاين أن ما يميز هذا السباق أن الذاهبين إلى القمر سوف يذهبون للبقاء وليس فقط ليتركوا أعلاماً أو أثار أقدام على سطح القمر، وأن حافزهم الأساسي على البقاء فوق سطح القمر هو استخراج المعادن واستثمار الموارد الموجودة هناك، لأنه على سطح القمر والكويكبات القريبة منه يوجد الذهب والفضة والتيتانيوم ومجموعات من الكنوز توجد قرب السطح متاحة للأخذ والاستغلال، ويعتقد وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس أن القمر يشكل الآن محركاً اقتصادياً قوياً لتغذية أنشطة التعدين، وأن تعدين الفضاء هو فرصة أمريكا القوية، وأن المشكلتين الأساسيتين اللتين تعترضان استثمار القمر هما التكلفة العالية للوصول إلى القمر وصعوبات التحرر من الجاذبية الأرضية، والمشكلتان لا تستعصيان على الحل في ظل التقدم العلمي الراهن.
وأكد متحدث باسم وكالة ناسا للفضاء أنه بحلول عام 2028 سوف تكون وكالة الفضاء الأمريكية قادرة على تأسيس وجود دائم على سطح القمر، وسوف تتمكن ناسا من إطلاق مركبة قادرة على نقل البشر إلى القمر بتكلفة أقل، وأنه آن الأوان لأن يشارك القطاع الخاص سواء في عمليات تطوير مركبات الفضاء أو إطلاق الصواريخ أو في عمليات التعدين فوق سطح القمر، خاصة أن ثمة قانونا صدر عام 2015 يسمح للشركات الأمريكية بالحق في الموارد التي تستخرجها من الفضاء، وهناك بالفعل 8 شركات كبرى تعمل مع ناسا في مشروع متكامل لاستثمار القمر، وربما لهذا السبب أعادت الإدارة الأمريكية تشكيل المجلس الوطني للفضاء برئاسة نائب رئيس الجمهورية وجعلت أول مهامه إعلان العودة إلى القمر بالشراكة مع القطاع الخاص.
والواضح أن المشكلة الأكثر إلحاحاً الآن هي توفير إمكانية وجود وقود للصواريخ التي تحمل مركبات الفضاء على سطح القمر عن طريق استخدام عنصري الهيدروجين والأوكسجين في الماء الذي ثبت وجوده بالفعل على سطح القمر، والاعتقاد السائد بين علماء الفضاء أن الماء يشكل مورداً مهماً يوفر إمكانية استخدام عناصره كوقود بما يغير قواعد اللعبة لأن الصواريخ تحتاج إلى كميات هائلة من الوقود كافية لرحلتي الذهاب والعودة، ويشكل الوقود 85% من حجم الصاروخ الذي يكاد يصل إلى حجم ناطحة سحاب.
وفي مذكرة كتبها إلى ناسا عالم الفضاء جولدمان ساكس عام 2017، أن تعدين الفضاء يمكن أن يكون واقعاً بأكثر مما يتصور الجميع وأن استخدام الماء كوقود يغير قواعد اللعبة، وأن على أمريكا أن تكون في عجلة من أمرها كي تسبق الجميع. والواضح أن السباق على استعمار القمر واستثماره يشكل الآن الحافز المهم للعودة إلى القمر بعد أربعين عاماً توقفت خلالها رحلات الفضاء إلى القمر، وأن أطراف السباق هي الولايات المتحدة التي تعتزم بالاشتراك مع القطاع الخاص إرسال مركبة فضاء سوف تهبط على سطح القمر في وقت مبكر هذا العام وموسكو التي تمكن مسبارها قبل 40 عاماً من العودة إلى الأرض وهو يحمل 6 أوقيات (168جراماً) من تربة القمر, ثم الصين التي تدخل هذا المجال بقوة وتمكنت أخيراً من أن ترسل في 3 يناير الماضي مركبة فضائية هبطت لأول مرة على الجانب البعيد من القمر، وتعتزم إسرائيل إرسال مركبة فضائية إلى القمر هذا الشهر, وإذا نجحت إسرائيل فقد تكون رابع دولة تصل إلى القمر بعد أمريكا وروسيا والصين، ومن بين 20 مركبة فضاء هبطت على سطح القمر ما بين عامي 1966و 1976 كانت المركبة أبوللو التي حملت قبل 50 عاماً رواد الفضاء إلى القمر هي الأكثر أهمية وتقدماً.