السادات حدوتة مصرية عمرها مائة عام

السادات حدوتة مصرية عمرها مائة عام!

السادات حدوتة مصرية عمرها مائة عام!

 العرب اليوم -

السادات حدوتة مصرية عمرها مائة عام

مكرم محمد أحمد
بقلم-مكرم محمد أحمد

فى الذكرى المائة لمولد الرئيس السادات، لا تستطيع مصر ولا يستطيع المصريون رغم كل الذى جري، سوى أن يذكروا بالعرفان والاجلال بطل الحرب والسلام الذى خاض حرب أكتوبر المجيدة فى أصعب الظروف وأشدها قسوة، وقواته المسلحة تعانى نقصاً فادحاً فى أسلحتها الهجومية، لأن الروس غير راغبين فى مساعدته، وخزانته شبه خاوية لأنه أنفق ما تملك مصر على اعداد الدولة للحرب، وجزء معتبر من شعبه يتشكك فى امكانية أن يتغلب على العوائق الصعبة التى تحول دون امكان عبور قواته الى شرق القناة، ابتداء من مياه القناة التى يمكن أن تشتعل بنيران العدو الى الحواجز الرملية الشاهقة الارتفاع، الساتر الترابى التى ربما لا تستطيع القنبلة النووية أن تفعل فيه الكثير الى خط بارليف الحصين الذى بالغ الاسرائيليون كثيراً فى وصف مناعته واعتبرأشد الخطوط الدفاعية مناعة فى تاريخ الحرب، لكن أنور السادات بطل حرب أكتوبر ظل على يقينه رغم شكوك الداخل والخارج بأن المعجزة يمكن أن تحدث لأن شجاعة الرجال يمكن أن تعوض نقص السلاح، ولأن القوات المسلحة المصرية استوعبت درس النكسة وتتوق الى العبور كى تثبت لشعبها أنها تستطيع استرداد الكرامة، وأنها قادرة على عبور القناة واقامة رؤوس الجسور قوية صلبة على الشاطيء الشرقى للقناة، تحت مظلة حائط الصواريخ الذى تم تحريكه شرقاً فى عملية شجاعة أنجزها عبدالناصر قبل وفاته كى يحمى القوات العابرة الى عمق 15 كيلو متراً داخل سيناء من الطيران الاسرائيلي، أخطر الأسلحة التى تملكها اسرائيل !

نجح خيار الرئيس السادات وعبرت القوات المصرية القناة فى عملية عسكرية تكاد تكون مُعجزة، لكنها فى الحقيقة تمثل عملاً عسكرياً فذاً بهر العالم أجمع، واستطاعت القوات العابرة أن تصد وتدحر وتهزم كل محاولات اسرائيل تدمير الجسور الرابضة على الشاطيء الشرقي، كانوا يأتون فى موجات هجوم متتابعة، تنكسر على صخرة الدفاع المصرى الى أن فقد الجيش الاسرائيلى كل احتياطاته الاستراتيجية، وأصبحت اسرائيل مكشوفة تماماً أمام احتمالات هجوم مصرى مضاد، ووجدت رئيسة وزراء اسرائيل جولدا مائير نفسها تصرخ باكية على واشنطن، تطلب الانقاذ العاجل لأن اسرائيل مكشوفة أمام العدو بلا دفاع .

تحية عظيمة الى الرئيس محمد أنور السادات يوم مولده، وتحية عاطرة الى روح أمه »ست البرين«، وتحية الى زوجته الرائعة جيهان السادات التى كانت خير أم للقوات المسلحة المصرية فى هذه الفترة العصيبة..، وربما تكون حرب أكتوبر المجيدة أعظم انجاز أكد عظمة السادات وفراسته وتعدُد قُدراته وبينها قُدرته الفذة على خداع العدو، وتحقيق المفاجأة التكتيكية والاستراتيجية التى أمسكت بتلابيب القوات الاسرائيلية فى حصون بارليف، فضلاً عن نجاحه فى أن يكون مثالاً باهراً يجذب أنظار العالم كله وفى المقدمة الشعب الأمريكى الذى كان يرى فى السادات أروع وأشجع مثال للحاكم، لأنه قبل عن طيب خاطر أن يستقبل شاه ايران ميتاً وأن يُدفن فى مصر فى احتفال مهيب، بينما كان أغلب زعماء العالم يترددون !، لكن السادات فوق كل ذلك كان صاحب رؤية مستقبلية سبقت عصره بكثير، ولعله الوحيد الذى نجح فى أن يكسب قادة العرب جميعاً ابتداء من الملك فيصل الذى أشهر سلاح البترول فى وجه الغرب الى الشيخ زايد الذى قال قولته الشهيرة، «لا يمكن للبترول العربى أن يكون أغلى من الدم المصري»، الى الرئيس حافظ الأسد الذى خاض معه حرب أكتوبر على الجبهة السورية فى نفس اللحظة والتوقيت، الى الرئيس الجزائرى بومدين، لتضرب حرب أكتوبر المثال على قدرة العرب على تحقيق تضامن فعال رشحهم لأن يكونوا القوة الثالثة فى العالم، وما من شك أن الرئيس السادات صحح كثيراً من الخطوط العريضة لثورة يوليو التى كانت تحتاج الى التصحيح، سواء بسياسات الانفتاح التى مكنت الاقتصاد المصرى من أن يقف على ساقين، ويستثمر جهود الرأسمالية الوطنية بدلاً من ساق واحدة هى القطاع العام الذى كان قد تهالك لكثرة الأعباء التى يحملها على عاتقه، وقد يكون الرئيس السادات تحمل الكثير بسبب هذا الانفتاح الذى ظهر فى البداية وكأنه «سداح مداح»، لأن من الطبيعى أن من يشاركون بعد طول انغلاق هم المغامرون قناصو الفُرص السريعة، لكن الانفتاح أصبح الآن جزءاً أصيلاً من سياسات العالم ونهجاً ثابتاً فى النمو الاقتصادى ومن المؤكد أن الرئيس السادات أنشأ نوعاً من التوازن الغائب فى سياسات مصر حين أخرج مصر من دائرة الاستقطاب، بما يتوافق مع طبيعة موقع مصر الجغرافى العبقرى على مُفترق طرق العالم، أعاد السادات لسياسات مصر توازنها المفقود، وأنهى مرحلة من الاستقطاب ضمرت فيها علاقات مصر بالعالم باستثناء علاقاتها مع الاتحاد السوفيتى رغم أن جوهر وظيفة مصر أن تكون نقطة تلاقى بين الشرق والغرب والشمال والجنوب .

ورغم عبقرية السادات ورؤيته المستقبلية التى تسبق عصره، ونجاحه فى تصحيح كثير من الخطوط العريضة لثورة يوليو التى ثبتت بالفعل أنها تحتاج الى تصحيح، الا أن الرئيس السادات الذى حقق هذه الانجازات العظيمة وقع أيضاً فى خطأ جسيم عندما تصور أن جماعة الاخوان المسلمين جماعة معتدلة يمكن أن يمد لها يد المشاركة، ليلزم اليسار المصرى سياسات أكثر اعتدالاً خاصة أن اليسار المصرى كان يملك نفوذاً قوياً على كثير من جماعات المثقفين المصريين، أفرج السادات عن تبقى من جماعة الاخوان المسلمين من السجون، وقرب مُرشدهم التلمسانى منه وصار يستقبله فى كل المحافل واعتبر جماعة الاخوان قوة توازن سياسى يمكن أن تعادل قوى اليسار والناصريين، لكن جماعة الاخوان وفروعها من الجماعات الحليفة لم تكن حسنة النيات كانت تدبر لشيء آخر مع أن الرئيس السادات أعطاها كل الفرص كى تكبر وتتمدد، وسمح لها بأن تنظم حركة المقاومة للوجود السوفيتى فى أفغانستان وترحل المتطوعين الى هناك من جميع أنحاء العالم، استثمرت جماعة الاخوان وأنصارها الفرصة التى أتاحها لهم الرئيس السادات لتوسيع نفوذهم فى عدد من الأقاليم أبرزها امبابة والفيوم وعدد من محافظات صعيد مصر، ونجحوا فى تحقيق المزيد من السيطرة على حركة الطلاب المصريين ومعظم الجامعات المصرية، حيث مارست هذه الجماعات بلطجتها على الحركة الطُلابية باسم الدين الى أن كبر الوحش على صاحبه ونجحوا فى اغتيال الرئيس السادات، لتصبح قصة السادات والاخوان حكاية تروى مع الزمان عن الوحش الذى غدر بصاحبه الذى رباه، تذكرة لمن ينسي، خانت جماعة الاخوان الرئيس السادات وهو الذى أطلق سراحها، والخيانة جزء أصيل من طبائع الاخوان، تماماً كما فعلت مع السعودية التى عاشت الجماعة فى كنفها خلال الخمسينيات والستينيات ثم غدرت بالسعودية بعد ما تحقق لها من مكاسب ضخمة، لأنها تصورت خطأ أن الريح القادمة هى ريح صدام حسين فبايعوه زعيماً للعرب وباعوا السعودية فى غمضة عين، لأنهم لا يحسنون قراءة الواقع والتاريخ .

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 12:41 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

نحن وفنزويلا

GMT 12:39 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

رحلة لمعرض الثقافة

GMT 12:37 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

ذكرى 25 يناير

GMT 12:35 2019 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

فى الصراع الأمريكى - الإيرانى: حزب الله فى فنزويلا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السادات حدوتة مصرية عمرها مائة عام السادات حدوتة مصرية عمرها مائة عام



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط
 العرب اليوم - 3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 العرب اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم

GMT 02:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

استشهاد أكثر من 40 شخصًا في غارات إسرائيلية على لبنان

GMT 10:37 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف 3 قواعد إسرائيلية برشقات صاروخية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab