بقلم : مكرم محمد أحمد
كثيرا ما تأخذ شهوة الاستعراض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو إلي مزالق صعبة تكشف حماقاته السياسية ونرجسيته الزائدة التي توقعه في أخطاء جسيمة!، وهذا ما فعله الاسبوع الماضي عندما اعلن كذبا انه هدد مصر بارسال قوات كوماندوز إسرائيلية إلي القاهرة عام 2011لانقاذ افراد امن إسرائيليين داخل السفارة الاسرائيلية في الجيزة التي يحاصرها الاف المتظاهرين، وعندما اكتشف نتانياهو انه ذهب بخياله بعيدا لمجرد ان يرضي غروره، وارتكب خطأ فادحا في حق مصر يمكن ان تترتب عليه مشاكل كثيرة، حاول اصلاح موقفه لكنه زاد الطين بلة، وكما يقول المثل الشعبي المصري (جه يكحلها عماها!) مدعيا ان عملية إنقاذ رجال الامن الاسرائيليين المحاصريين داخل سفارتهم كانت ستتم بالتعاون بين الكوماندوز الاسرائيلي والجيش المصري!!، وهو الامر المستحيل حدوثه او تصور حدوثه، لانه مهما تكن الاسباب فإن الجيش المصري لن يقدم علي التعاون مع الكوماندوز الاسرائلي في عملية عسكرية تجري داخل القاهرة وسط حشود المتظاهرين الذين يحاصرون السفارة!، بما يؤكد ان القصة كاذبة من جذورها كذبا خائبا يكشف نفسه بنفسه ويستحيل تصديقه!.
وربما لهذا السبب آثرت مصر الرسمية عدم التعليق علي القصة بأكملها، خاصة ان عملية إخراج رجلي الامني الاسرائيليين من حصار السفارة تمت علي مشهد من الجميع، التزاما من جانب مصر بمسئوليتها عن حماية كل السفارات والبعثات الدبلوماسية، واحتراما لمعاهدة السلام التي تحرص مصر علي تنفيذ بنودها بدقة كاملة كما تحرص إسرائيل، في اطار علاقات تعاون رسمي تتسم بالندية والوضوح، ولا تغلق الباب امام فرص التعاون المشترك في مجالات بعينها تصب في صالح سلام الشرق الاوسط واستقراره، دون الاخلال بألتزامات مصر القومية تجاه القضية الفلسطينية وسعيها المستمر إلي أحياء المباحثات المباشرة بين حكومة إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، وجهودها الدولية لحث واشنطن والامم المتحدة والرباعية الدولية للضغط علي حكومة بنيامين نتانياهو من اجل وقف عمليات الاستيطان في الضفة واستئناف المباحثات المباشرة بين الطرفين، وبسبب ندية العلاقات بين مصر وإسرائيل لا تقف معاهدة السلام حجر عثرة امام جهود مصر الدولية والاقليمية لالزام إسرائيل باحترام القانون الدولي والجلاء عن الارض المحتلة بما فيها الجولان والقدس، وأخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة النووية، والزام إسرائيل بوضع مؤسساتها النووية تحت التفتيش الدولي،وكلها جهود تخوضها الخارجية المصرية بإصرار بالغ رغم احترامها لمعاهدة السلام!.