بقلم : مكرم محمد أحمد
الصورة التي أعادت انتباه الجميع إلي عمق الكارثة الإنسانية في سوريا ويتحدث عنها العالم أجمع، هي صورة غلام لم يتجاوز الخامسة من عمره اسمه عمران داقنيش،تم انتشاله من حطام منزله الذي قصفته طائرة روسية في مدينة حلب، والتقط صورته في التو واللحظة مصور صحفي سوري اسمه محمود رسلان بعد ثوان من إنقاذ الطفل الذي كان الغبار يغطي وجهه المجروح، بينما يتهدل شعره المتسخ علي جبينه ويبدو في الصورة وكأنه لم يفق بعد من نومه خائفا مذعورا!.سارع بعض السكان بحمل الطفل إلي مستشفي ميداني قريب حيث نجح الاطباء في معالجة جرح في جمجمة رأسه ونظفوا وجهه وملابسه،وتم إخراجه من المستشفي بعد ساعتين طفلا آخر جميل الطلعة، لكن صورته تنطق بمأساة اكثرمن 60 ألف أسرة سورية محاصرين في حلب الشرقية، يعانون العطش وقلة الطعام والدواء بسبب الحصار الذي تضربه قوات بشار الأسد علي المدينة في حرب قاسية لايبدو ان لها نهاية قريبة، دمرت حلب وأحرقت اسواقها وهدمت مساكنها ودورها، وجاوز عدد ضحاياها حتي الآن 400 ألف قتيل، بينما تشرد أكثر من 7ملايين سوري خارج ديارهم وأوطانهم في كارثة مروعة هي أصعب الكوارث التي مرت بالإنسانية قاطبة!.
ومع الأسف لا يزال القتال علي أشده في حلب، المتمردون يحاولون كسر الحصار إلي أن نجحوا أخيرا في فتح ثغرة لا تسمح بمرور الإمدادات أو خروج المجاهدين،ولكنها تعطي لمقاتلي المنطقة الشرقية فرصة الهجوم من قرب علي سكان المنطقة الغربية الذين كانوا يتمتعون بحماية قوات بشار الأسد، فضلا عن أنها أشعلت القتال المجنون الذي يدور بين المنطقتين يذكيه شيخ ملتاث العقل من السلفيين يطوف أحياء المدينة المهدمة، يدعو المجاهدين إلي الإسراع للشهادة لأن الحوريات العين تنتظرهم علي أبواب الجنة، في الوقت الذي لايزال فيه الروس والامريكيون والإيرانيون والسعوديون يتباحثون حول امكانية التوافق علي هدنة في حدود 48 ساعة يمكن خلالها إدخال بعض المؤن والأدوية وسحب القتلي والجرحي من الشوارع والأزقة!. ومع الأسف لايزال السوريون يسفحون كل يوم المزيد من دمائهم في حرب مجنونة يصعب علي كل الأطراف حسمها، نهايتها الوحيدة الجلوس إلي مائدة التفاوض للاتفاق علي عناصر تسوية يتوافق أغلب الاطراف علي معظمها..، فهل يمكن لصورة الطفل عمران التي أثارت شجن العالم أن تعجل بهذه الهدنة أو تكون سببا في نهاية هذه الحرب المجنونة!.