السلفيون وفوانيس رمضان

السلفيون وفوانيس رمضان!

السلفيون وفوانيس رمضان!

 العرب اليوم -

السلفيون وفوانيس رمضان

بقلم : مكرم محمد أحمد

ما الذى يريده السلفيون من التحريض على منع تعليق زينة رمضان وشراء الفوانيس وكل مظاهر الفرح والبهجة التى تصحُب مجيء الشهر الكريم كل عام، والتى أصبحت بمرور الزمن جزءاً من عادات وتقاليد المصريين فى شهر رمضان يجعل لهذا الشهر الكريم بهجة خاصة, تدعو العرب والمسلمين إلى المجيء إلى مصر خلال هذا الشهر الكريم، بما يساعد على إنعاش الاقتصاد وتبادل المنافع وزيادة التعارف بين الأمم والشعوب، وقد كان التعارف والتواصل بين الأمم والشعوب واحداً من الأهداف النبيلة العليا التى حض عليها الإسلام لأن الإسلام فى جوهره ليس دين عزلة ولكنه دين تواصل ومحبة.

وما الذى يسىء إلى السلفيين إذا استقبل المصريون شهر رمضان بفرح غامر وما الذى يضايقهم إن خرج أطفال مصر مع بداية الشهر الكريم يُغنون كما كان يُغنى أسلافهم من قديم الأزل (وحوى يا وحوى وحالوا يا حالوا)، وهل تسيء إلى الإسلام هذه الأغنيات الجميلة التى يسمعها الناس فيبتهلون فرحاً بالشهر الكريم! . ولماذا يتهلل وجه المصريين بشراً وهُم يسمعون فى رمضان صوت عبدالمطلب يصدح بهذه الأغنية الرائعة (رمضان جانا وفرحنا به) التى أصبحت أمارة على مجيء شهر رمضان، مثلما يخشعون ويسّرون عندما يسمعون صوت الشيخ رفعت وهو يؤذن فى مغرب رمضان، وإذا كان السلفيون يفهمون أن الجهامة والغلظة هى الإسلام فبئس هذا الفهم غير الصحيح، لأن الإسلام يدعو إلى مسرة القلب والفؤاد ولأن الرسول الكريم لم يكن جهماً ولكنه كان عطوفاً بشوشاً صاحب بشر منفتح الأسارير.

لقد أرهقتنا كثيراً فتاوى السلفية التى لا محل لها من الإعراب وكثيراً ما تتنكب الطريق الصحيح لفهم هذا الدين السمح الذى لا يشاده أحد إلا غلبه وكان دائماً دين يُسر ورحمة.., وعندما يصدر السلفيون فتوى يعتبرونها شرعية بأن تعليق الزينة فى رمضان حرام فهى باليقين فتوى كاذبة لأن الإسلام لا يعادى البهجة والسرور، وعندما يتزيدون القول ويحّرمون أغانى رمضان لأنها تنطوى على قدر من الموسيقى فهم يثبتون جهالتهم لأن الموسيقى ترقى بالمشاعر وبها تشف نفس الإنسان وتعلو، ولأن الإسلام لم يحرم الموسيقى أو الغناء, و قد نظم اهل المدينة يوم مجىء الرسول أغنية ذات إيقاع بسيط وجميل (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع)

ولأن فتاوى السلفيين مشكوك فى مصداقيتها فإن واحداً من واجبات دار الإفتاء أن تراجع هذه الفتاوى لأن المصريين اصطلحوا على أن الأزهر والإفتاء وهيئة كبار العلماء هم المنوط بهم وحدهم إصدار الفتاوى الشرعية الصحيحة، والمؤسف أن يتجرأ السلفيون على القول بأن الموسيقى حرام شرعاً فى رمضان وهو قول غير صحيح لأن الموسيقى هى أرقى الفنون التى عرفها ومارسها الإنسان خاصة عندما تكون نغماً مجرداً، وأظن أنها نشأت وتطورت فى كنف الدين، والأمر الذى لا شك فيه أن قراءة القرآن ترتيلاً و تجويداً تنطوى على نوع من الموسيقى تتنوع مع تنوع القراءات، وتُكسب السامعين خشوعاً، ومع الأسف لا يرى السلفيون فى الموسيقى سوى أنها مجرد بدعة وضلالة!.

ومنذ أن اعتبر السلفيون أنفسهم حزباً بديلاً عن جماعة الإخوان ووقر فى نفوس غالبيتهم أنهم الوريث لدور هذه الجماعة، زاد انحراف أفكارهم كما زادت فتاواهم تعصباً وتطرفاً الى حد تحريض المسلمين على أن يمتنعوا عن تهنئة أشقائهم الأقباط بأعيادهم بما ينطوى على قدر واضح من التعصب والكراهية وتقسيم المجتمع المصرى إلى نحن وهُم! ولست أعرف ما الذى يبرر لجماعات السلفيين أن تتحدث وكأنها حزب سياسى رغم أن الأحزاب الدينية غير مشروعة بحكم الدستور والقانون..، أفهم أن يكون من حق كل سلفى أن يعتقد ما يراه صحيحاً فى إطار حق كل مواطن فى حرية الرأى والتعبير, لكن عندما يتحدث السلفيون كحزب دينى عقائدى يرفضون تهنئة أشقائهم المصريين الأقباط بأعيادهم و يحرمون البهجة وتعليق الزينة فى رمضان وهى جزء من هوية مصر الثقافية, ويرون أن الدين هو الغلظة والجهامة فإنهم بذلك يمارسون عملاً حزبياً سياسياً خارجاً على القانون يعمل لشق الوحدة الوطنية، وهذا ما لا يجوز السماح به لأنه يُشكل خطراً حقيقياً على وحدة البلاد و هويتها الثقافية و الدينية خاصة انهم يتصرفون كحزب سياسى!.

المصدر : جريدة الأهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

GMT 01:05 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

حكاية الحكومات في فلسطين... والرئيس

GMT 02:47 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

لماذا مدح بوتين بايدن؟

GMT 01:26 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

سياسة في يوم عيد الحب

GMT 01:23 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

كوارث التواصل الاجتماعي!

GMT 02:27 2024 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

تستكثرُ علي بيتك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلفيون وفوانيس رمضان السلفيون وفوانيس رمضان



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:14 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زيلينسكي يرى أن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب
 العرب اليوم - زيلينسكي يرى أن "الحرب ستنتهي بشكل أسرع" في ظل رئاسة ترامب

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 العرب اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات فساتين زواج فخمة واستثنائية لعروس 2025

GMT 10:34 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتقاء شهيدين فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمال غزة

GMT 07:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق تذاكر معرض كريستيان ديور مصمم الأحلام

GMT 06:17 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

3 ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط

GMT 05:49 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بين قاهر.. وقاتل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab