بقلم : مكرم محمد أحمد
يشكل الحكم الذى صدر عن المحكمة الإدارية بأحقية مصر لجزيرتى صنافير وتيران رغم انه حكم ابتدائى تنتظره مراحل أخرى من التقاضى انعطافة مهمة، سوف يكون لها آثارها المختلفة لدى الذين ساندوا عودة الجزيرتين إلى السعودية باعتبارهما وديعتين كان يتحتم على مصر ارجاعهما، خاصة ان مصرلاتملك وثيقة تاريخية واحدة تؤكد ملكيتها الجزيرتين، فضلا عن ان خط ترسيم الحدود البحرية تحدد وفقا لقوانين البحار. رسمت الجزيرتين داخل حدود السعودية، كما سوف يكون للحكم آثاره الاخرى المناقضة لدى جماعات مصرية تمسكت بأن الجزيرتين مصريتان استنادا إلى وقوعهما تحت السيادة المصرية سنوات طويلة، لكن الحكم يشكل دون شك مأزقا صعبا للحكومة المصرية التى تجد نفسها دون اى خيار آخر سوى الاعتراض على الحكم واستئنافه التزاما بالاتفاق الذى تم مع السعودية. وأكثر ما يقلق فى هذه القضية، ان يسارع المؤيدون للابقاء على صنافير وتيران تحت السيادة المصرية إلى اثارة معركة سياسية تقسم الوطن على مستوى الداخل، بدعوى ان رفض تنفيذ الحكم والاعتراض عليه واستئنافه يعنى التفريط فى ارض تخص الوطن حكم القضاء بمصريتها، فضلا عن هؤلاء الجاهزين لاستثمار هذه المناسبة فى اثارة الشعور العام والدعوة إلى التظاهر وشن حملات الاتهام بالتفريط والتخوين. وما من شك ان الحكم سوف يكون له انعكاساته المختلفة على المملكة السعودية التى ربما تجد نفسها تحت ضغوط داخلية تلزمها اللجوء إلى التحكيم او القضاء الدولى فى سابقة غير محمودة!، لكن الآمال كبيرة فى ان تتفهم الدولة السعودية حقائق الواقع المصرى باعتبار مصر دولة مؤسسات، لايملك رئيس الجمهورية فيها القول الفصل الذى يجب كل الآراء بإرادة منفردة تحتكر وحدها حق القرار!، ومن مصلحة العلاقات المصرية السعودية ان تستوعب المملكة صعوبات الموقف المصرى الراهن دون ان تحاول دفع الامور إلى مأزق صعب خاصة ان جانبا كبيرا من القضية يتعلق بمشاعر وأحاسيس وطنية يحسن تركها لتفاعلاتها الداخلية دون اى تدخل خارجى مباشر،كما ان الاجراء المطعون عليه لم يدخل بعد دور التصديق والنفاذ، وربما يكون من واجب مصر والسعودية ان يستكشفا معا آفاقا جديدة اكثر رحابة توافق بين حقوق الملكية ومهمة إدارة الجزيرتين بما يمكن مصر والسعودية من التوافق على وحدة الصف.