الخاسرون يوم أمس الأول

الخاسرون يوم أمس الأول!

الخاسرون يوم أمس الأول!

 العرب اليوم -

الخاسرون يوم أمس الأول

بقلم : مكرم محمد أحمد

تؤكد مؤشرات اليوم الأول للانتخابات الرئاسية أن نسب خروج المصريين إلى صناديق الانتخاب سوف تكون مشرفة تفوق كل التوقعات رغم غياب منافس حقيقى للرئيس السيسى، وأن المصريين خرجوا إلى الصناديق بدوافع عديدة أهمها أن يقولوا شكراً للرئيس على حجم الإنجازات الضخم الذى تحقق خلال فترة حكمه الأولى، وأن المصريين يتطلعون إلى تطهير مصر من بؤر الإرهاب فى وقت قريب، وأن كل التقارير عن سير العمليات التى تقوم بها القوات المسلحة يساندها الأمن والشرطة المصرية فى شمال ووسط سيناء وفى الظهير الصحراوى غرب الدلتا وصولاً إلى الحدود الليبية, تؤكد أن مصر قادرة على اجتثاث جذور الإرهاب، وسوف تجتثه قريباً ليتم إعلان مصر دولة نظيفة من بؤر هذه الجماعات.

وما من شك أن واحداً من أهم أسباب هذا الخروج الذى كان كثيفاً فى نسبة مهمة من اللجان الانتخابية وجيداً فى كثير منها، ويفوق المتوسط فى معظمها، الوفاء لأرواح الآلاف من شهداء الجيش والشرطة الذين سقطوا دفاعاً عن أمن مصر واستقرارها لأنه دون هذه التضحيات الغالية كان من شبه المستحيل أن يتغير الحال، وتصبح مصر دولة آمنة مستقرة قادرة على حماية أمن شعبها، تستطيع أن تفرض حمايتها على كل شبر من أرضها، وأن تكون مهابة الجانب فى محيطها الإقليمى، وأن تتفوق قدراتها العسكرية لتصبح العاشرة على مستوى العالم.

والأمر المؤكد أن الإتقان وجودة التنفيذ وسرعته باعتباره جزءاً مهماً من ملامح إدارة الرئيس السيسى كان بين العوامل المهمة التى حفزت المصريين على الخروج إلى صناديق الانتخاب، لأنهم يتوقون إلى أن تتحسن جودة حياتهم بما فى ذلك خدمات الصحة والتعليم والإسكان إلى هذه المستويات العالمية التى يرونها فى المدن الجديدة، التى تستوفى كل شروط الحداثة والعصر كمدن صديقة للبيئة، جزء من وظيفتها أن تُسعد سكانها وترقى بحياتهم وأذواقهم، وتنهى فترة كئيبة من حياة مصر، سادت فيها العشوائية وانعدام التنظيم وغياب تخطيط المدن والأحياء الجديدة، وفرض الجشع ذوقه على عمران الوطن ورأينا انعدام جميع شروط العمران والتعمير التى لفظت أنفاسها جميعا بسبب ضغوط فساد المحليات والإدارات الهندسية، إلى حد أن الأبراج السكنية التى ترتفع إلى طوابق شاهقة، تكاد تكون متلاصقة، يفصل بينها حارات مظلمة ضيقة كئيبة، لا يتجاوز عرضها مترين أو ثلاثة على أكثر تقدير تؤكد ان الفساد قد استشرى الى حد أفسد الذوق وأفسد حياة الناس وجعل من العاصمة مجرد عشوائية مترامية الاطراف!

تلك هى الحوافز الجديدة التى أملت على المصريين ضرورة الخروج إلى الصناديق رغم أن الانتخابات ليست تنافسية، وهو أمر لا يمكن أن نُحمل الرئيس السيسى مسئوليته، لأنه ليس صحيحاً بالمرة أن السيسى أكره الفريق شفيق على أن يتنازل عن الترشيح والفريق شفيق لا يزال حياً يُرزق، وقد كّذب بنفسه هذه الرواية أكثر من مرة، وهو نفسه أكد للجميع انه لا يملك شروط المنافسة التى تُمكنه من أن يكون نداً منافساً للسيسى ومن المؤكد أيضا أن الفريق شفيق كان حريصا على وحدة المؤسسة العسكرية، وقد كُنت شاهد عيان على هذه الحقائق المؤكدة، لكن صحافة الغرب تُصر على تلفيق هذا الاتهام للرئيس السيسى، كما تُصر حتى الآن على أن السيسى قام بانقلاب عسكرى على حكم جماعة الإخوان، متجاهلة تماماً ما حدث فى 30 يونيو الذى خرج فيه أكثر من 40 مليون مصرى إلى ميادين جميع محافظات مصر يطالبون بإزاحة حكم المرشد والجماعة! ولا أظن أننى بحاجة إلى أن أؤكد أن الفريق سامى عنان أخطأ فى حق نفسه عندما تجاهل قواعد ولوائح المؤسسة العسكرية فى أمر ترشيحه، وزاد من عُمق خطئه خطابه الأول الذى وجهه للمصريين واتهم فيه القوات المسلحة بالإنفاق على الشعب مع أن الشعب يملك قواته المسلحة التى يدخل فى صميم واجبها أن تكون عونا لشبعها تدافع عن امنه و حقوقه، وسماحه ليوسف ندا أكبر ممول لجماعة الإخوان المسلمين أن يخرج فى إعلان تليفزيونى يؤكد ترشيحه للفريق عنان ويعلن عزم جماعة الإخوان على تمويل حملته الانتخابية، رغم أن أقطاب جماعة الإخوان لا يزالون يُحاكمون على ارتكاب جرائم وحشية، يستحيل إبراء ساحتهم منها لأنهم ضبطوا متلبسين بارتكابها وكان من واجب الفريق عنان أن يباعد بين ترشيحه ومساندة جماعة الإخوان ولايقحم نفسه فى هذه القضايا التى تنظرها المحاكم المصرية.

أما انسحاب خالد على فالجميع يعرف أن «الحنجورى» الذى طالب بمقاطعة الانتخابات الرئاسية هو الذى رتب الاستقالة وحرض خالد على عليها فى حسبة «حنجورية» خاطئة هدفها التكتيكى إحراج الرئيس السيسى بأن يبقى المرشح الوحيد لانتخابات الرئاسة، فما الذى كان فى وسع السيسى أن يفعله ولم يفعله!، ورغم أننى لا أريد أن أنكأ جراحاً قديمة لكن تحميل الرئيس السيسى مسئولية غياب منافسين له فى الانتخابات الرئاسية ظُلم فادح. وأكبر الخاسرين من خروج المصريين أمس الأول إلى صناديق الانتخاب هم جماعة الإخوان التى تلقت طعنة نجلاء أجهزت على البقية الباقية من طموحها الكاذب، ومشكلة جماعة الإخوان أنهم كذابون يصدقون كذبهم، ويتوهمون أنهم لا يزالون جزءاً من المعادلة، وقد كان فى حسابهم أن معظم اللجان الانتخابية سوف تبقى فارغة، وأن الفضيحة سوف يكون لها جلاجل تدوى عندما يتم تصوير بعض اللجان خاوية على عروشها، وهو الأمر الذى لا يزالون يحاولون ترتيبه، لكن جماعة الإخوان خسرت وخسئت أمس الأول لأن النسبة الأكبر من الذين خرجوا إلى الصناديق يكرهون عودة جماعة الإخوان لحُكم مصر, لأنهم يعرفون جيداً ماذا يعنى عودة الجماعة إلى تصدر المشهد وقد أصبح لها ثأر مع الجيش والشرطة والشعب والقضاء لكثرة الضحايا الذين قتلتهم فى حربها الخاسرة، وأظن أن حملتهم الخاسرة ضد الجيش المصرى الوطنى واتهامهم له بأقذع الصفات وتطاولهم الخائن على القوات المسلحة يكشف عمق حقدهم وكراهيتهن لأشرف جيوش العالم فضلا عن حملاتهم الاخيرة المجهلة ضد أحكام الإعدام هى آخر أمل لهم للإفلات من حكم القانون بعد أن صدرت ضدهم بضعة أحكام لتورطهم فى مجازر ارتكبوها عقب ثورة يناير وربما يكون من حق بعض الجماعات القانونية أن تطالب بإلغاء أحكام الإعدام كما تم إلغاؤها فى معظم بلاد العالم، ولَيتهم يدفعون ثمن ذلك توبة نصوحا عن عملهم السياسى المنافق الذى يتكرس أول أهدافه فى القفز على السلطة!

وما يزيد من غيظ جماعة الإخوان أن خروج المصريين إلى الصناديق قد أصبح له ملامح فولكلورية مصرية, تنشد للجيش المصرى أغنية «تسلم الأيادى» فى مشهد تتصدره المرأة المصرية التى خرجت أمس الأول مع زوجها وأولادها فى أبهى حللهم يحملون فى أيديهم أعلام مصر، ومن ورائهم الأجداد كبار السن يحرصون على المجىء مبكراً للإدلاء بأصواتهم، وجزء من المشهد المصرى الجميل أمس يتمثل فى خروج أقباط مصر إلى الصناديق بكثافة عالية يحفهم القساوسة فى موكب يجسد روح العائلة المصرية، جزء من مشهد أمس أيضا أن الفتيات الشابات كن أكثر حضوراً من الشباب الذى يصحو فى العادة متأخراً منتظراً موعد خروج الأصدقاء، لكن مواكب الخروج إلى الصناديق لم تنقطع طول النهار، موجات تتدفق تباعاً كثيفة وخفيفة لكن العرض مستمر، لم ينقطع لحظة واحدة إلى أن جاءت ساعة المغيب ليشتد الزحام على الصناديق, ويزداد الشارع المصرى بهجة وسروراً وألواناً متعددة تخلع على الصورة أجواء احتفالية مشرقة.

المصدر : جريدة الأهرام

arabstoday

GMT 01:05 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

حكاية الحكومات في فلسطين... والرئيس

GMT 02:47 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

لماذا مدح بوتين بايدن؟

GMT 01:26 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

سياسة في يوم عيد الحب

GMT 01:23 2024 الإثنين ,19 شباط / فبراير

كوارث التواصل الاجتماعي!

GMT 02:27 2024 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

تستكثرُ علي بيتك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخاسرون يوم أمس الأول الخاسرون يوم أمس الأول



GMT 00:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

لبنان يتعهد بالتعاون مع "الإنتربول" للقبض على مسؤول سوري
 العرب اليوم - لبنان يتعهد بالتعاون مع "الإنتربول" للقبض على مسؤول سوري

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025
 العرب اليوم - زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعليق الرحلات من وإلى مطار دمشق حتى الأول من يناير

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:53 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab