بقلم : مكرم محمد أحمد
مع ان الاصل هو التنوع والاختلاف وتعدد الانماط والطبائع والبيئات إلى حد ان بصمة الخنصر لا تضاهى بصمة شقيقه البنصر!، يجهد المصريون أنفسهم بحثا عما يسمونه قوانين موحدة،تقفز على هذا التنوع او تتجاهله ولاتضعه ضمن حساباتها!..، ولهذا السبب كثيرا ما تتناقض هذه القوانين الموحدة مع خلافات الواقع وتعدد صوره وانماطه وتكون النتيجة فشل هذه القوانين فى توصيف مشكلاتنا وعجزها عن استيعاب تعدد السمات والطبائع والبيئات المختلفة.
وعلى سبيل المثال نجهد انفسنا فى انشاء قانون موحد للبناء مع ان اكواد البناء مختلفة، وما يصلح للتربة الطينية لا يصلح للتربة الرملية او الصخرية، ولهذا السبب لم تنجح قوانين البناء الموحدة فى ضمان سلامة الابنية التى تنهض فى بيئات مختلفة!،واظن انها نفس المشكلة التى تواجهنا ونحن نفكر فى قانون موحد يعدل نظم الايجار القديمة بما يوازن بين حقوق المالك والمستأجر ويضمن استمرار صيانة العقار، ومع الاسف يخرج القانون الموحد وقد اصابته صور عديدة من العوار لان القانون ساوى فى المعاملة بين إيجار مسكن شعبى فى حى شعبى وإيجارمسكن اخر وسط المدينة او فى واحد من احيائها الفاخرة، ورفع قيمة إيجار المسكن الشعبى بذات النسبة التى رفع بها إيجار شقة فى حى جاردن سيتى او وسط المدينة، وغالبا ما تكون النتيجة فقدان العدالة واهمال صيانة هذه الثروة العقارية الضخمة التى تتآكل لان عائدها لا يكاد يكفى مصاريف تشغيلها وصيانتها!.
ولعل الاغرب من ذلك ان يصل غرام البيروقراطية المصرية بالقانون الموحد إلى حد التفكير فى انشاء قانون موحد للاعلام، يسرى على الصحف القومية كمايسرى على صحف القطاع الخاص واجهزة الاعلام المرئية سواء كانت مملوكة للدولة او القطاع الخاص، مع أن لكل من هذه القطاعات مشكلاتها الخاصة التى قد لايستطيع القانون الموحد استيعابها وعلاجها بالضرورة..،اما لماذا تفضل البيروقراطية المصرية قانونا موحدا(اسطمبة) تسرى على كل الحالات والانماط والطبائع رغم أختلافاتها وتبايناتها، فلانها بيروقراطية كسولة ترتاح إلى التفكير النمطي، ولاتهتم بملاحظة فروق الحالات او اختلاف الانماط والطبائع والبيئات،ولاتعرف كيف تفرق بين زيد وعبيد، ولاتكترث كثيرا بجدوى هذا التفكير النمطى الذى يريد ان يرسخ كل الحلول فى قوالب جامدة جاهزة لاترعى اختلاف التنوع.