مكرم محمد أحمد
أما وقد فتش الواقع المر فساد المنظومة الصحية المصرية، ابتداء من الاطباء إلى المستشفيات العامة واجهزتها الادارية، لا نستثنى من ذلك المؤسسات الاكاديمية التى تعمل على اعداد الاطباء وكوادر التمريض، فضلا عن فساد السياسات الصحية الراهنة فى علاج هذه الاوضاع، رغم الزيارات الميدانية التى يقوم بها رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة التى شهدنا خلالها عجبا!، يصبح من واجب الدولة بما فى ذلك الحكومة ومؤسسات المجتمع المدنى التركيز على مشروع شامل متكامل لاصلاح المنظومة الصحية، يأخذ صورة المشروع القومي، ويركز فيه الجميع على استنقاذ المؤسسات العلاجية والتعليمية لهذه المنظومة بما يعالج اوجه قصورها، ويوفر لها الضرورات الاساسية التى تضمن لها حدا معقولا من الامكانات، ويخضعها لنوع من المتابعة المستمرة والرقابة الشعبية فى كل منطقة ومدينة وقرية وحي، ويضع لها نظما وقواعد واجراءات تحكمها معايير واضحة للثواب والعقاب، بحيث تظل كل مؤسسات المنظومة الصحية تحت عملية اصلاح دائم ومستمر فى برنامج صارم يستمر عامين أو ثلاثة، يمكن الدولة بعدها من ان تعلن كفاءة المرفق الصحى واهليته للخدمة العامة.
واظن ان نقطة البدء الصحيحة هى الغاء كل صور التمييز بين العلاج المجانى والعلاج بالاجر داخل المستشفيات الحكومية الذى افسدها، وزاد من حدة الصراع داخلها على الحوافز والمكافآت، وأوجد مسوغات لتبرير الاهمال فى الاقسام المجانية!..،واتصور ان يكون ضمن إدارة كل مؤسسة علاجية مجلس أهلى يضم شخصيات عامة وممثلين للشركات ومؤسسات الانتاج الموجودة فى المنطقة، تكون مهمته رفع القدرة المالية للمؤسسات العلاجية عن طريق حملات التمويل التى تغطى نقص الموازنات المالية، من خلال عمل طوعى ينهض باعبائه شباب المنطقة او الحي.
لقد كشف التقرير السنوى الثالث للشبكة العربية للمنظمات الاهلية سوء اوضاع وسياسات الخدمات الصحية فى مصر، لكن التقارير الاعلامية التى نشرت أثر زيارة رئيس الوزراء لعدد من هذه المواقع، أظهرت حجم الاهمال و التسيب الضخم، وانعدام النظافة والصيانة، وغياب كل صور الاشراف والمتابعة، بما اكد لجميع المصريين انه ربما يكون الافضل لصحتهم إغلاق هذه المؤسسات غير الانسانية ان تعذر إصلاحها!.. مطلوب من حكومة المهندس إبراهيم محلب ان تركز فى الاصلاح الادارى على قضية إصلاح المنظومة الصحية أولا، واعطائها اولوية قصوى تسبق كل الاولويات، فى اطار برنامج شامل يعيد لها ثقة المصريين، ويجعلها اهلا لوظيفتها بدلا من حالها الراهن الذى لا يسر احدا!.