مكرم محمد أحمد
بدلا من أن تصلح واشنطن بعض أخطائها القاتلة فى العراق، ترتكب الآن خطيئة بالغة الخطورة، بإصرارها على تسليح البشمركة الكردية، تمهيدا لاعتراف واشنطن بكردستان العراق دولة مستقلة!.
لقد دمر الغزو الأمريكى الدولة العراقية كما دمر الجيش والأمن والحكومة وكل أدوات السلطة المركزية فى بغداد، كى تصبح العراق ساحة للفوضى راح ضحيتها منذ بداية الغزو الأمريكى ما يقرب من مليون قتيل طبقا لتقديرات جامعة أمريكية محترمة، وبرغم وعود واشنطن بإقامة حكم وفاقى يوحد حقوق السنة والشيعة والأكراد فى دولة موحدة يتمتع فيها الجميع بحقوق المواطنة، انحازت الولايات المتحدة بصورة سافرة الى شيعة العراق!، وأهدرت وجهه العربي!، وسلمته تسليم مفتاح الى ايران لتصبح طهران القوة المهيمنة على مصير العراق بعد انسحاب الجنود الأمريكيين!..، هدف واشنطن الوحيد من كل ذلك القضاء على العراق كقوة عربية يمكن أن تناهض هيمنة إسرائيل على مصير الشرق الأوسط!
ومع الأسف تقدم واشنطن على خطوة أخرى أكثر جسارة بتسليح كردستان العراق بعيدا عن سلطة الحكومة المركزية فى بغداد، ولا تخفى حماسها لإعلان كردستان دولة مستقلة، لأنها سوف تحتفظ بقاعدتين جويتين كبريين فى الشمال يوافق الأكراد على تأجيرهما لواشنطن، الأمر الذى من شأنه أن يسارع بتفكيك العراق خاصة أن واشنطن لا تجد مانعا فى أن تقوم بتسليح عشائر السنة فى محافظات ديالى وصلاح الدين والرمادى بعيدا عن سلطة بغداد المركزية.
ولست أعرف ما هى الحكمة من أن تتم هذه الخطوة البالغة الخطورة فى هذا التوقيت الخطير قبل أن يتم تحرير مدينة الموصل من سيطرة داعش، صحيح أن البشمركة سوف تكون أكثر قدرة اذا ما حصلت على السلاح الأمريكى لكن العراق سوف يفقد شماله الكردي، وربما يتفكك الى ثلاث دويلات صغيرة، دولة شيعية فى الجنوب وأخرى لعشائر السنة وسط العراق هى الافقر والاقل دخلا والثالثة للأكراد فى الشمال!
وأظن أن شيعة العراق يتحملون جزءا من مسئولية هذا المصير البائس الذى يلقاه العراق، وربما لهذا السبب يرفض المرجع الشيعى الأعلى على السيستانى انفصال كردستان فى دولة مستقلة كما يرفضها إياد علاوى نائب رئيس الجمهورية وعشائر السنة وسط العراق، ومع الأسف لا يملك العرب الغارقون حتى آذانهم فى المشكلة اليمنية سوى قبول الأمر الواقع وهم يرون العراق ينصرم تحت ناظريهم.