مكرم محمد أحمد
أتمنى على مصر أن تغير بعض سياساتها التقليدية التى أثبتت التجارب والاحداث عدم جدواها، وأولى هذه السياسات ما يتعلق بقضية الوساطة بين حماس وإسرائيل
من اجل انجاز اتفاق تهدئة تبذل مصر غاية ماتستطيع من أجل تحقيقه التزاما بدورها الاقليمى ومسئولياتها تجاه الشعب الفلسطينى، ثم لا يلبث ان يخرقه أى من الطرفين فى عمل عسكرى مفاجىء يزيد معاناة الشعب الفلسطينى، لا يحرر شبرا من الارض المحتلة ولايحقق أى تقدم للقضية، ويسقط بسببه ضحايا كثيرون أغلبهم من أهل غزة ليعود الموقف مرة اخرى إلى المربع رقم واحد بحثا عن اتفاق جديد للتهدئة، وهكذا دواليك فى دورة فاسدة لا تنتج شيئا حقيقيا!.
لأن دور مصر الاقليمى أكبر كثيرا من ان يحاصره او يستنزفه البعض فى هذه المتاهة المغلقة التى تكررت حتى الان اربع مرات دون ان يتحقق السلام العادل او يتمكن اى من الطرفين، إسرائيل وحماس، من تحقيق نصر حاسم، ومع الاسف يتصور الغرب والامريكيون أن هذا الدور يمكن ان يعطى لمصرمكانة خاصة، ويعتبرونه منحة ومكافأة توجب على مصر ان تلتزم حسابات الغرب،لا تخرج عليها أو ترفضها او تحاول اصلاحها، وإذا كانت مصر قبلت هذا الدور لتعزيز فرص الاستقرار على حدودها وتخفيف بعض آلام الشعب الفلسطينى، فأن ذلك لايبرر للغرب أو الامريكيين إعتباره جزءا من سياسات الجزرة والعصا، يتم حرمان مصر من القيام به متى توفر بديل اخر مثل قطر وتركيا. لأن الوساطة بين حماس وإسرائيل يمكن ان تكون عملا نافعا ان كانت جزءا من جهد متكامل ينظمه اتفاق واضح على بناء سلام شامل وعادل،وليست مجرد ترتيبات عملية تستهدف إدارة الصراع دون ايجاد حلول له، وأظن أن المفهوم الصحيح لدور مصرالاقليمى يخرج عن هذا النطاق الجد محدود إلى آفاق سياسية اوسع تنتصر لرفض الهيمنة الدولية،ومقاومة احتكار المعرفة والعلم لصالح جزء من البشرية دون الاخر، وإعادة صياغة العلاقات بين دول الشمال ودول الجنوب على قواعد أكثر عدلا، ومحاربة الغلو والتطرف والعنف أينماكانوا، أما الوساطة بين حماس وإسرائيل فأغلب الظن أن مصر فى غنى عنها.