مكرم محمد أحمد
لم يعد سرا أن مصر هى الموقع الجغرافى الثالث فى العالم الأكثر تأثرا بمتغيرات المناخ!، بعد جزر المالديف التى يتهددها الغرق لارتفاع مستويات مياه البحار والمحيطات نتيجة تسارع ذوبان الجليد فى مناطق القطبين، وبعد بنجلاديش التى يتهددها خطر زحف مياه المحيط على مساحات واسعة من أراضيها المنخفضة إضافة الى خطورة الفيضانات بسبب ذوبان جليد جبال الهمالايا.
وما ينبغى أن يعرفه كل المصريين، أن تغيرات المناخ أصبحت حقائق علمية راسخة يؤكدها على نحو مستمر شواهد ملموسة يقيسها العلماء على نحو منتظم، تتمثل فى اتساع ثقب الأوزون وعدم توصل المجتمع الدولى الى خطة محكمة تقلل أثار الانبعاثات الكربونية نتيجة الاستخدام المتزايد للطاقة الحرارية، كما يؤكدها تسارع ذوبان الجليد فى مناطق القطبين، والارتفاع الملحوظ فى مستويات مياه البحار والمحيطات وكلها قابلة للقياس الدقيق، فضلا عن الدراسات المتخصصة التى يقوم بها علماء المناخ بالتعاون مع الدول المعنية، وبينها عدد من الدراسات المهمة المتعلقة بمصر، شاركت فيها الحكومة المصرية وست منظمات دولية وعدد غير قليل من علماء المناخ المصريين، ركزت على الأثار المحتملة على ايراد نهر النيل من المياه، ومخاطر زحف البحر على سواحل الدلتا الشمالية، وأثار ارتفاع الحرارة وقلة المياه على انتاج مصر الزراعى والاقتصاد الوطنى، كما تنطوى هذه الدراسات على خطط علمية تستهدف استيعاب هذه الآثار والتكيف معها، وتقليل نتائجها السلبية الى أقصى حد ممكن، فى اطار خطط شاملة يستمر تنفيذها على امتداد العقود الثلاثة القادمة.
لكن ثمة أرقاما وحقائق مهمة ينبغى ألا تغيب عن ذاكرة المصريين، أهمها، نقص امدادات نهر النيل بحلول عام2030 بنسبة 6% يمكن أن ترتفع الى حدود 10% بحلول عام2060، وتعرض الدلتا لتآكل ربما يشمل مساحة 300 كيلومتر مربع من أراضيها تساوى 20% من مساحة رقعتها المزروعة، اضافة الى نقص حاد فى حجم الانتاج الزراعى يصل الى حدود 25%، وارتفاع متزايد فى أسعار المواد الغذائية بنسبة تصل الى 60%، بحلول عام 2060 ونقص فى العمالة الزراعية يصل الى حدود 40%..، وكلها مؤشرات خطيرة تؤكد ضرورة أن تنشغل مصر خلال العقدين القادمين بالآثار السلبية لهذه المتغيرات.