مكرم محمد أحمد
رغم الجهود التي تبذلها الخارجية المصرية، ويبذلها الرئيس السيسى لاقناع الأوروبيين بخطورة ان يغمضوا أعينهم عن سيطرة الجماعات المتطرفة، وفي مقدمتها داعش علي الأوضاع في ليبيا، لا يبدو أن الرسالة وصلت إلي الأوروبيين، رغم نجاح داعش في السيطرة أخيرا علي مدينة سرت في الجنوب واحتلال قاعدتها العسكريةومطارها الدولي، لتصبح المنطقة الواقعة بين مدينة درنة بطبيعتها الجبلية الصعبة واجدابيا وسرت تحت السيطرة المباشرة لمقاتلي هذه الجماعة، التي تؤكد التقديرات المصرية أنهم يتراوحون بين أربعة وخمسة آلاف مقاتل، مسلحون علي نحو جيد ويخضعون لتدريب متواصل.
والاخطر من ذلك ان داعش تحاول الآن السيطرة علي مدينة مصراتة في أقصي الغرب الليبي، وتشن عمليات هجوم متواصلة علي المدينة والميناء، الأمر الذي ألزم جماعات المقاتلين في مصراتة إعادة النظر في اولوياتهم لان داعش اصبحت خطرا يمثل أولوية قصوي، دفع الجماعات المسلحة في مصراتة إلي التعبير عن رغبتها في التعاون مع مصر، بحيث يتكاتف الجميع علي هزيمة داعش التي أصبحت خطرا يهدد آمن مصر ودول شمال إفريقيا، وربما يصل طموحها إلي حد مد سطوتها إلي مناطق مالي وتشاد ونيجيريا وتشكيل جبهة موحدة مع منظمة بوكوحرام!.
ومع الأسف لا يريد الغرب أن يتنبه إلي مخاطر داعش المتزايدة وأثر ذلك علي الأمن الأوروبي وأمن البحر الأبيض، وباستثناء إيطاليا التي تشكل مشكلة المهاجرين الأفارقة هاجسها الاول، لا تبدي الدول الأوروبية اهتماما ملحوظا، ولا تستشعر أي مسئولية إزاء ضرورة وقف هذا الخطر، وتعلق كل آمالها علي نجاح المبعوث الأممي بالإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية، رغم أن وقف تمدد داعش داخل الأرض الليبية ينبغي ان تكون له أولوية قصوي. والواضح من إلحاح مصر علي خطورة ما يجري في ليبيا، أن القاهرة تدرك حجم الخطر المتزايد الذي يهدد أمنها وأمن حدودها الغربية باستمرار سيطرة داعش علي الاوضاع هناك التي تشكل تهديدا مباشرا لأمن مصر القومي، يستوجب اليقظة والحذر والعمل عند الضرورة علي تنفيذ المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تعطي للدول حق الدفاع عن أمنها ومطاردة الجماعات الإرهابية خارج حدودها، وقرارات مجلس الامن التي تساند ضرورة مجابهة أخطار جماعات الإرهاب داخل الأرض الليبية، خاصة بعد تمدد داعش وسيطرتها علي مدينة سرت ومحاولتها المتكررة لاختطاف مدينة مصراتة وجميع ذلك يشكل خطرا ملحا علي امن مصر يصعب الصبر أو السكوت عليه.