مكرم محمد أحمد
ان كان صحيحا أن النقاب كما تقول مذكرة تظلم المنتقبات إلى رئيس جامعة القاهرة د. جابر نصار من أصول الشريعة الثابتة ومبادئها الكلية التى لا تحتمل تأويلا أو تبديلا، ولا يجوز الخروج عليها أو الاجتهاد فى أحكامها، كما لا يجوز لأى نص تشريعى أو قرار ادارى أن يكون منافيا لها، فلماذا لم يفرض المسلمون الأوائل النقاب على كل المجتمعات الاسلامية فى هذه الامبراطورية الواسعة التى حكمها الاسلام لعدة قرون؟!، ولماذا ظل أمر النقاب قاصرا على بعض نساء البدو كعادة فرضتها طبيعة البادية بخلائها الواسع الذى تندر فيه مراكز العمران المزدحم دون أن ينتشر فى أى من الأمصار الاسلامية الكبرى؟!
ولماذا لم تلتزم ملايين النساء المصريات ارتداء النقاب طاعة لأوامر المسلمين الأوائل، وظللن على ملابسهن العادية يكشفن الوجه واليدين، ويلتزمن الاحتشام خاصة أن المصريين متدينون بطبعهم وكانوا أول من عرف الوحدانية؟!..واذا كان النقاب كما تقول مذكرة التظلم دائرا بين الوجوب والاستحباب فى الشريعة الإسلامية، فلماذا لم يصبح التزاما دينيا لكل المسلمات اللاتى اعتنقن الدين الاسلامى فى أصقاع آسيا وإفريقيا، وبقين كاشفات الوجه واليدين يعملن فى الحقول وينشطن فى الأسواق ويمارسن حياتهن العادية دون أن يتهمن أحد بالخروج عن الشرع!؟، واذا كان النقاب جزءا من أصول الشريعة الثابتة ومبادئها الكلية، فلماذا لم يفرضه الاسلام على النساء فى الحج ولماذا يقمن بفريضة الحج كاشفات الوجه واليدين؟!
وقد يكون من حق البعض اعتبار الحجاب فضيلة تعطى لصاحبها ميزة الورع، لكن ما العمل ان كان هناك من يرتدين النقاب بقصد الخداع والكذب؟!، ثم ماهو الضرر فى أن تخلع الأستاذة الجامعية النقاب وهى تحاضر تلاميذها كما تخلع الأم النقاب وسط أسرتها، وهناك الآلاف من السيدات الأساتذة يحاضرن فى جميع جامعات مصر كاشفات الوجه دون أن يتعرضن لما يمكن أن يخدش حياءهن، إلا أن يكون لدى المنتقبات ما يسبب قلقهن أو يجعلهن أقل ثقة فى أنفسهن، ثم ماذا يكون الحال لو رفض التلاميذ حضور محاضرات المنتقبات لاعتقادهم أن هناك أزمة ثقة بين الأستاذ وتلاميذه!؟، لا أعرف ماذا تكون إجابة المنتقبات على هذا السؤال، لكننى أعرف مع الأسف أنه برغم إجماع الفقهاء على أن النقاب عادة وليس التزاما يفرضه الدين على المرأة المسلمة، إلا أننا اعتدنا من فقهائنا أن تبقى أصواتهم خافتة لا يسمعها أحد تحت مزايدات أقرانهم الأكثر تشددا!