مكرم محمد أحمد
لا يختلف احد على عبقرية الراحل مصطفى حسين، ابرع رسامى الكاريكاتور المصريين وعمدتهم على امتداد العقود الخمسة الاخيرة، رغم ان تاريخ الكاريكاتور المصرى حافل برسامين عظام شكلوا مدرسة مصرية ضخمة، ابتداء من صاروخان وزهدى فى اربعينيات القرن الماضى إلى رخا وعبدالسميع وطوغان، وفنان الشعب متعدد المواهب صلاح جاهين،
الذى تربع فى وقت واحد على عرش الكاريكاتور وشعر العامية والاغنية الوطنية لأربعة عقودكاملة، وصولا إلى جيل جديد من رسامى الكاريكاتوريتميزبعمق الفكرة والقدرة المدهشة على تشخيص مفارقات واقعنا المؤلم، وتكثيفها فى لقطات بارعة تثير فى نفوسنا مزيجا مركبا من الدهشة والسخرية والالم، وتنزع من داخلنا ابتسامة تنطوى على اكثرمن مغزى ومعنى.
لكن فن الكاريكاتور عند مصطفى حسين يبقى عملا متفردا ومدرسة تخصه، يميزها ريشة واثقة مرحة غنية الالوان تملك صدق التعبير وجمال الخط،لا تكتفى بالتركيز على الفكرة والمفارقة كما هو الحال عند معظم رسامى الكاريكاتور العرب والاجانب، ولكنها تعنى برسم الشخصيات وتصوير ملامحها بدقة بالغة، وتقدم لنا شخوصا وأنماطا من البشر نلقاهم فى حياتنا اليومية ونعرف ملامحهم، تضفى على الكاريكاتورصدقا بغيرحدود يفجرداخلنا الابتسامة والدهشة.
وسواء كانت الشخصيات التى برع مصطفى حسين فى تصوير ملامحها، ابتداء من كنبورة وعبده مشتاق وفلاح كفر الهنادوة وعزت بيه الاليت وقاسم السماوى والكحيت وعبده العايق وعباس العرسة من ابداعات مصطفى حسين، ام انها نتاج جهد مشترك مع الكاتب الساخر احمد رجب، فواقع الحال يقول، ان ريشة مصطفى حسين هى التى اكسبت هذه الشخصيات صدقا عاليا جعلنا نتعرف على ملامحها فى حياتنا اليومية..، وما من شك ان رحيل مصطفى حسين يمثل خسارة فادحة، ليس فقط لمدرسة اخبار اليوم التى عاش اغلب عمره بين صحفها ولكن للصحافتين المصرية والعربية، ولعله رسام الكاريكاتور الوحيد الذى ألزم قراء جريدته ان يتابعها بداية من الصفحة الاخيرة التى تحمل رسمه.