مكرم محمد أحمد
تذكرنا مكتبة الاسكندرية فى نوبة صحيان جديدة، تتجسد فى حلقة نقاش مهمة تنعقد هذا الأسبوع، تنبه مرة أخرى الى المخاطر الصعبة التى سوف تتعرض لها مصر بسبب تأثيرات المناخ على ثلاث جبهات حيوية،
أولاها السواحل الشمالية، حيث تشير تقديرات العلماء الى ارتفاع ملحوظ فى مستويات مياه البحر الأبيض بحلول عام 2070، ربما تتسبب فى خسارة 20% من مساحة الدلتا، يأكلها زحف البحرالذى يمكن أن يدمر ما يقرب من نصف مليون مسكن اضافة الى هجرة واسعة من مناطق الشمال خاصة فى المناطق المنخفضة غرب الاسكندرية وساحل بورسعيد، وثانيتها، ارتفاع فى حرارة الجو فى حدود درجتين، يتسبب فى نقص ضخم فى معظم المحاصيل الزراعية ما بين 25و40%، ويغير مناخ مصر على نحو جذرى يؤثر على الصحة العامة، ويرفع حجم الوفيات، ويقلل من جاذبية مصر للسياحة بسبب الرطوبة والحر وتلوث الهواء، وثالثتها، احتمال انخفاض ايراد نهر النيل ما بين 10و30% من موارده المائية، وأثر ذلك الحاسم على الزراعة والحياة المصرية، نتيجة نقص المحاصيل وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتدهور حجم الانتاج الزراعى، وما يصاحب ذلك من أثار سلبية، أهمها انخفاض معدلات العمالة فى قطاع الزراعة والاعتماد المتزايد على الاستيراد!
أعرف أن كثيرين سوف تصدمهم هذه الحقائق فى ظروف تواجه فيها مصر تحديات الحرب على الارهاب، وتبذل غاية جهدها من أجل معالجة مشكلات الفقر والبطالة وضعف خدمات الصحة والاسكان والتعليم، لكن ما باليد حيلة، تلك هى حال مصر فى رباط دائم الى يوم الدين، وليس أمامها من خيار أخر سوى قبول التحدى، ومواجهة هذه الأخطار فى اطار استراتيجية متعددة الأهداف، تتبنى حلولا علمية وعملية تقلل من حجم هذه المخاطر أو توقف زحفها، أو تلجأ الى حلول بديلة تلغى أثارها المحتملة..، ولأن أخطر تحديات المناخ فى مصر يتمثل فى هذا المركب الجديد الذى يجمع بين ارتفاع درجة الحرارة وقلة المياه وأثر ذلك على الزراعة المصرية ومخاطره على الاقتصاد الوطنى والصحة العامة، الأمر الذى يجعل هذه القضايا أول واجبات ومهام البحث العلمى فى مصر على امتداد العقدين المقبلين..، تحية الى مكتبة الاسكندرية وهى تطلق نوبة صحيان جديدة، لعل الجميع يفيقون الى مخاطر تحديات المناخ.