د.أسامة الغزالي حرب
سوف ألخص لكم أولا الأحداث التى وقعت فى قرية «كفر درويش» التابعة لمركز الفشن بمحافظة بنى سويف، فوفقا لما قرأته فى أكثر من
مصدر، فإن احد الشباب المسيحيين من أبناء تلك القرية، والذى يعمل فى الأردن (ويقال أنه أمى!) نشر صورة على موقعه على «فيس بوك» قيل انها «مسيئة للإسلام و المسلمين» (غالبا نقلها عن بعض المواقع الأوروبية)، اغضبت هذه الصورة بعض أهالى القرية من المسلمين الذين توجهوا إلى العمدة لحل المشكلة فى جلسة عرفية، فعلى ماذا اتفقوا، أو بعبارة أدق «فرضوا» رأيهم؟ طلبوا تهجير أسرة الشاب (زوجته وأولاده) ثم زادوا وطالبوا بتهجير والده (88 عاما) ووالدته (79 عاما) وأشقائه الأربعة وزوجاتهم وأولادهم «خلال ساعات قليلة»! ثم تفاقم الأمر باستهداف عام لبيوت الاقباط ومواشيهم و اشعالها، مما دفع الأمن أخيرا للتدخل بقوات خاصة لحفظ النظام. ولم أعرف من خلال المصادر التى اطلعت عليها ما إذا كانت «القيادات الأمنية» وعلى رأسها اللواء محمد أبو طالب مدير الأمن و نائبه اللواء رضا طبلية قد حضروا جلسة «الصلح»! التى انتهت إلى قرار تهجير الاسرة المسيحية إلى مدينة الفشن! حدث هذا فى مصر، فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين وفى محافظة لا تبعد عن القاهرة اكثر من 120 كيلو مترا.إن لى هنا بضعة أسئلة: ماذا كان موقف رجال الدين المسلمين فى القرية، أقصد تحديدا رجال الأزهر والأوقاف، وما هو الموقف من الشباب المتطرف الذى طالب بتهجير مواطنيهم المسيحيين؟ هل تمت مساءلتهم على ارتكابهم لجريمة بحكم الدستور والقانون؟ ولماذا لم يفكر هؤلاء الشباب مثلا فى الاكتفاء بتقديم بلاغ للنيابة باتهام الشاب المسيحى بازدراء الاديان وهى جريمة و الحمد لله موجودة فى القانون المصرى؟ إننى أطالب بمحاسبة كل المقصرين فى تلك الواقعة الشائنة، بدءا بضباط الشرطة الذين قيل انهم رفضوا تحرير محاضر بوقائع الاعتداء على المسيحيين، خاصة مع احتمال وجود ايد خفية متطرفة، إلى كبار «المسئولين» ورجال الأمن الذين تواطأوا على جريمة التهجير، مما اضطرت معه رئاسة الجمهورية للتدخل لتصحيح أخطائهم!