د.أسامة الغزالي حرب
اتصل بى أحد الاصدقاء مساء أمس، وقال غاضبا: هل شاهدت تكريم الرئيس السيسى لطالبة الأزهر المنتقبة؟ قلت: لا، لقد فشلت فى متابعة هذا الحفل الذى يبدو أنه أذيع مسجلا فى توقيت لم أستطع معرفته! قال: لماذا سمح للطالبة بأن ترتدى النقاب؟
ولماذا لم تستبعد من بين المكرمين؟ وكانت إجابتى هى أننى لا أوافق على رأيه، فأنا بالقطع أرفض أن يكون النقاب زيا للمرأة فى مصر ونحن نعيش فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين، ولكن هذا لا يعنى عدم احترام حق المرأة فى اختيار ملبسها، حتى ولو كان النقاب! هذا من حيث المبدأ، أما النقاب فهو دخيل على الثقافة المصرية المعاصرة، لقد خلعت المرأة المصرية غطاء الوجه منذ عشرينيات القرن الماضى على يد هدى شعراوى كجزء من حملتها العظيمة لإعطاء المرأة المصرية حقوقها فى التعليم وفى حمايتها من تعسف الرجل فى استعمال حق الطلاق...إلخ غير أن هذه المكتسبات أصيبت بنكسة شديدة منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضى فى سياق موجة تربط بين الزى و الدين على نحو مبالغ فيه، خاصة بعد ما تم عقب الفورة النفطية فى السبعينيات من تدفق العمالة المصرية إلى بلدان الخليج، فعادت ومعها ـ ليس فقط الثراء المادى وإنما أيضا التأثر الثقافى بالبيئة التى عملت فيها، وهذه كلها موضوعات يمكن الحديث فيها لاحقا، ولكنى أعود فأكرر أن ملبس الإنسان هو حق لا يمكن إنكاره له، و لا يمكن أن أدعى أننى شخص «ليبرالي» وأرفض حق مواطنة فى اختيار زيها. وإذا كنت أرفض النقاب كملبس، فإن هذا الرفض، هذا الرأي، ينبغى أن يتم من خلال القنوات غير الرسمية ومنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية.
فضلا بالطبع عن المجلس القومى للمرأة برئاسة السيدة الشجاعة السفيرة (الوزيرة) ميرفت التلاوي، وفى هذا السياق فإننى أقدر ـ بلا تردد ـ للرئيس السيسى احترامه لحق الفتاة المنتقبة، المتفوقة، فى اختيار ملبسها.