د.أسامة الغزالي حرب
سألنى أحد الأصدقاء: لماذا هذا الاهتمام و الإلحاح فى كتاباتى عن سيناء؟
قلت، وسوف أظل أقول، لأننى اشعر بالعار وبالخجل من أن سيناء التى يفترض ان تكون فى مقدمة الفرص الواعدة للتنمية والتعمير فى مصر، تتحول إلى مصدر للخطر عليها! إن اقصى جنوب سيناء- شرم الشيخ- اصبحت احد أهم المواقع السياحية فى مصر، فضلا عن مناطق أخرى رائعه مثل طابا ودهب ونويبع ورأس سدر، فضلا عن سانت كاترين وعيون موسي...إلخ، فلماذا لا تكون هذه المناطق المزدهرة نموذجا لكل سيناء بما فى ذلك شمال سيناء، ليس فقط بالسياحة وإنما ايضا بالصناعة والزراعة و الطاقة... إلخ إننى لا أتردد فى المقارنة بين صحراء سيناء وصحراء النقب الواقعة شمالها، فى إسرائيل، والتى لا تقل عنها فى صعوبات مناخها الصحراوى، والتى تعج بالمنشآت العلمية والبحثية والأنشطة الاقتصادية المزدهرة فضلا عن المفاعل النووى فى ديمونه فى قلب النقب! وفيها يوجد مخطط قديم يجرى تنفيذه بدأب لتوطين نصف مليون مهاجر، و فى النقب توجد صناعة «اشباه الموصلات» من السيليكون المستخرج من الرمال (هل تتذكرون أحلامنا القديمة عن وادى السليكون التى لم تتحقق ابدا؟) وتوجد صناعة صقل الماس، ومراكز أبحاث عالمية، وقاعدة أقمار صناعية، وتوجد أيضا واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية فى العالم! ولن استطرد فى بيان ماهو موجود فى النقب حتى لا أثير مواجع كثيرة، ولكنى أعود لأقول إن هناك ما يعرف بـ«المشروع القومى لتنمية سيناء»، وضعته هيئات عالمية محترمة، بدأ تنفيذه فى عام 1992 وكان متصورا أن ينتهى بعد عامين أى فى سنة 2017.. وباستثمارات قدرت بـ 75 مليار جنيه وباستهداف رفع سكان سيناء إلى 3 ملايين مواطن! غير أن تفاصيل الفشل فى هذا المشروع محبطة للغاية! وبدلا من أن تكون سيناء رصيدا تنمويا لمصر، أصبحت عبئا على أمنها. على اية حال، قرأت تصريحا للدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان يتحدث فيه عن الموازنة المقترحة لجهاز تعمير سيناء، ولكنى أكرر ما سبق أن قلته مرارا وهو أن مسالة تعمير سيناء اهم وأكبر من أن تناط بإدارة فى وزارة الإسكان، و أننى أدعو إلى إنشاء «وزارة لتعمير سيناء»، على غرار وزارة السد العالى التى أنشأها جمال عبدالناصر لإنشاء السد. تعمير سيناء لا يقل أهمية عن إنشاء السد العالى!