د.أسامة الغزالى حرب
"سجن الجبس" هو أحد السجون الشهيرة فى ليبيا ، يقع فى منطقة "الجبس" بمدينة طرابلس، وكان اسمه قد ظهر فى الانباء فى أول شهر فبراير الماضى عندما تمكن 54 سجينا من الفرار منه فى أثناء توزيع وجبة الإفطار الصباحية.
غير أن سجن الجبس الذى أقصده هنا شىء آخر! وهو أن تضطر إلى أن توضع يدك أو قدمك فى "الجبس" علاجا لكسر أو شرخ لبضعة أسابيع تضطر فيها لأن تحد من حركتك و تنقلاتك ، وتصيبك بالزهق و الملل، وتشعر معها و بعدها بنعمة أن تكون سليما ! الإصابة حدثت لى منذ نحو أسبوعين، وتحديدا مساء يوم الأربعاء 9 يوليو، حيث تعثرت قدمى و التوت فى منحنيات الطريق التى نعرفها جميعا! ولأننى كنت أقيم بقرية الصحفيين" بالساحل الشمالى، فقد ذهبت فى اليوم التالى – الخميس 10 يوليو- إلى أقرب مستشفى، وكان هو "مستشفى مارينا المركزى للرعاية و الطوارئ"، التابع لوزارة الصحة. المبنى فاخر و نظيف..ولكنه يخلو من أطباء متخصصين أو من أجهزة متقدمة، وتم عمل أشعة استنتج منها الطبيب المناوب فى المركز أن ما حدث هو تمزق فى أربطة مفصل القدم أو ما يسمى ب"الكاحل"! وبناء عليه نصحت بوضع "رباط ضاغط" وهو ماتم بالفعل.
وعندما عدت للقاهرة بعد أسبوع، فى الخميس التالى، فحصنى أخصائى العظام، شقيقى د. طارق الغزالى حرب الذى شك فى أن هناك شرخا وليس محرد تمزق للأربطة، خاصة و أن أشعة مركز مارينا لا تظهر شيئا! وطلب عمل أشعة جديدة، وبالفعل ذهبت اليوم التالى (18 يوليو) إلى المستشفى الأقرب لى وهو "المستشفى الجوى التخصصى" المشيد حديثا بالتجمع الخامس، حيث أجريت الأشعة التى أظهرت بوضوح مالم تظهره أشعة "مارينا" وهو وجود "شرخ" فى أنكل القدم. هذه حكاية شخصية، ولكنها تطرح بالقطع تساؤلات عامة مهمة، وذلك هو المقصود! إذا لم يكن مركز "مارينا"(وما ادراك ماهى مارينا!) التابع لوزارة الصحة يتضمن أجهزة حديثة و أطباء اكفاء، فما هو الحال فى الأحياء و القرى الفقيرة فى أنحاء مصر؟ وإذا كان قاطنو وزوار مارينا قادرين على البحث عن بدائل، فما هو حال المواطن العادى؟ أسئلة كثيرة ترد على ذهنى و أنا أتأمل قدمى المحبوسة فى "الجبس"!