د.أسامة الغزالي حرب
الآن، بعد مرور ما يقرب من أربعة أعوام على الصراع الدموى فى سوريا، يبدو أن هناك أفقا واقعيا للحل، يرتبط بالحدثين المهمين اللذين سيطرا على المنطقة أخيرا: سقوط طائرة الركاب الروسية فوق سيناء، بما صاحبه من احتمال أن يكون ذلك بسبب فعل تخريبى، وحادث باريس الإرهابى البشع مساء يوم 31 أكتوبر الماضى. وقد قرأت على موقع «فاينانشيال تايمز» (22/11) أن الدبلوماسيين الغربيين يراودهم الأمل الآن فى قرب التوصل إلى صفقة سياسية بشأن مستقبل سوريا بعد أعوام من الجهود الفاشلة. فمن ناحية، بدأت روسيا- المدافع الأول عن بشار الأسد- تبدى إشارات للتعاون، خاصة بعد اقتناعها بحدود فاعلية الضربات العسكرية هناك. و من ناحية أخرى، ألقت أحداث باريس الدموية الضوء الكاشف على خطورة الطرف الآخر، داعش وأشباهها، التى أظهرت، ليس فقط بشاعته ودمويته، وإنما أظهرت أيضا أن أوروبا- أكثر من أى طرف دولى آخر- هى التى سوف تدفع ثمن الفشل فى سوريا، كما أكدت ذلك واحدة من أفضل الباحثين السوريين، المتحدثة باسم «مبادرة الإصلاح الوطنى» د. بسمة قضمانى فى مقال حديث قرأته لها، و ذكرت قضمانى أن رقم الأربعة ملايين ونصف مليون لاجئ الذى أعلنته مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يصل فى الواقع إلى ما يقارب السبعة ملايين، معظمهم فى أوروبا. وخلاصة ذلك أن حل المعضلة السورية بات الآن فى يد كل من روسيا واوروبا، أما الولايات المتحدة، وبمنطق انتهازى بحت، فقد نأت بنفسها عن المشكلة، و كما قالت قضمانى أيضا «ستتلطخ فترة رئاسة أوباما بالمأساة السورية، فالولايات المتحدة لن تضطر للتعامل مع جموع اللاجئين على حدودها، كما أن المخاطر المتزايدة للمتطرفين الغربيين المقاتلين فى صفوف داعش أقل عليها من أوروبا». من ناحية أخرى، صدقت الجامعة العربية - التى خرج من يدها فعل أى شىء فى سوريا - على هذا التوجه الدولى لحل الأزمة، و كما صرح د. نبيل العربى، الأمين العام للجامعة (61/11) فقد تم الاتفاق أخيرا فى فيينا على بدء مفاوضات بين وفود من الحكومة والمعارضة فى يناير المقبل، وان الحكومة السورية ابلغت أسماء وفدها، بينما رحبت السعودية باستضافة المعارضة المعتدلة خلال الشهر المقبل للاتفاق على أسماء الوفد الذى سيمثلها فى المفاوضات. هذه تطورات طيبة بلا شك بعد سنوات الدم والخراب والتهجير. ويتبقى لى سؤال بسيط: أين مصر من هذا كله؟!