د.أسامة الغزالى حرب
فى إحدى مقالاته أخيرا عن ثورة 25 يناير تساءل الأستاذ الدكتور سعد الدين إبراهيم، لماذا ينكر أسامة الغزالى حرب صفة «الثورة» عن 25 يناير، ويعتبر أنها «انتفاضة» وليست ثورة؟ وأنا هنا أقول له لأنها- أى 25 يناير- ادت إلى مجرد تغيير نظام الحكم، اما الثورة فتعنى حدوث تغيير جذرى وسريع وشامل فى الدولة والمجتمع، ففرنسا بعد الثورة لم تعد كما كانت قبلها، وروسيا بعد ثورتها فى 1917 اختلفت جذريا عن حالتها قبلها، بل وايضا إيران أخيرا تغيرت جذريا عما كانت قبل ثورتها فى 1979....إلخ ولكن ليس ذلك هوالحال فى مصر بعد 25 يناير و30 يونيو، نعم حدث تغيير سياسى يمكن رصده وتحديده، ولكن مصر للاسف لاتزال كما هي! إننى أكتب هذه الكلمات من قرية الصحفيين على الساحل الشمالى، حيث يوجد مجموعة من العمال الأكفاء من بينهم «كهربائي» القرية زكريا عمر الذى لفت نظرى له شطارته وأدبه ونشاطه، وإليكم حديث جرى لى معه! إنه من قرية اسمها «عزبة الخطيب» تابعة لمركز شبراخيت بالبحيرة، سألته هل توجد مياه نقية بالقرية؟ لا، المواسير موجودة ولكنها خالية دائما، ونحصل على المياه فقط بالطلمبات! وهل يوجد صرف صحي؟ لا، هناك أبيار تكسح كل فترة.والطرق؟ لا يوجد اى طريق مرصوف. والمدارس؟ توجد ولكن لا احد يتعلم بها، هناك فقط الدروس الخصوصية.
كم تصرف على الدروس؟ لدى ولد فى أولى صنايع يأخذ دروسا بـ200 جنيه والبنت بـ175 شهريا. والعلاج؟ توجد وحدة صحية مهملة تقدم فقط الاسبرين والمستشفى على بعد 5 كيلو. هل هناك بطالة، نعم ومنتشرة بشدة. ولكن كيف أفلت أنت من هذا المصير يازكريا؟ أنا حاصل على الإعدادية وجندت فى الجيش، وفى الجيش تعلمت مهنة الكهرباء. هل تصل صحف للبلد؟ لا، إطلاقا. التليفزيون هوالمصدر الأساسى للأخبار وللتسلية، اما الشباب فتعلموا الدخول على الإنترنت من خلال الموبايلات. هذه هى أحوال قرية على بعد 30 كيلومن دمنهور(التى توجد لها دار للأوبرا!) وعلى بعد 70 كيلو(أى مسافة ساعة على الأكثر) من الإسكندرية. هل حدثت فى مصر ثورة؟ طبعا لا!