د.أسامة الغزالي حرب
هذا الخبر قرأته على موقع "اليوم السابع" وعلى العديد من المواقع الأخرى بنفس المضمون تقريبا، يقول: "فوجئ طلاب كلية دار العلوم بدخول الدكتورة ن.أ. أستاذ الشريعة الإسلامية بالكلية وهى ترفع النقاب تنفيذا لقرار رئيس جامعة القاهرة د. جابر نصار مما أثار غضب وحفيظة العديد من الطلاب الذين اعترضوا على خلع الدكتورة للنقاب. وبعد بداية المحاضرة بعشر دقائق قامت احدى الطالبات المنتقبات واعترضت على الدكتورة قائلة "بترضى عبد وتغضبى ربنا..كل ده عشان وظيفة دنيوية طب خليها تنفعك".. وهو ما وافقها فيه عدد كبير من الطلاب الذين رفعوا أصواتهم احتجاجا"...... إلخ. لو أن هؤلاء الطلبة كانوا غاضبين بسبب ما اعتقدوه إهدارا لحق أستاذتهم فى أن تلبس ماتريد (مع أن القرار تعلق فقط بظروف العملية التعليمية وشروطها) لكان ممكنا تفهم موقفهم، و لكن من الواضح أن رد الفعل ذلك يعكس اقتناع بعض الطلاب، فى كلية تدرس العلوم الشرعية والدينية، بأن ارتداء النقاب هو فرض دينى، مع أن آراء الغالبية الساحقة من الفقهاء وعلماء الدين الأجلاء هو أن النقاب مجرد عادة أو عرف سائد فى بعض المجتمعات ذات الأصول البدوية وليس أبدا فرضا دينيا إسلاميا. غير أن مايشعرنى أكثر بالأسف أن يحدث هذا فى مصر فى النصف الأول من القرن الحادى والعشرين، أى بعد مايقرب من مائة و عشرين عاما على حركة تحرير المرأة التى دعا إليها قاسم أمين مدعوما من الإمام الجليل محمد عبده و أحمد لطفى السيد ثم سعد زغلول. ويحدث هذا بعد ما يقرب من مائة عام على ثورة 1919 التى اقترن فيها نضال الشعب المصرى من أجل الاستقلال بنضال المرأة المصرية للتخلص من النقاب وهو ماكان مقدمة لظهور الأجيال المتوالية من سيدات مصر العظيمات اللاتى برزن فى كافة ميادين الحياة. النقاب ليس مجرد قطعة قماش تغطى به المرأة وجهها، ولكنه اعلان عن قيد تكبل به عقلها وتحد من تفكيرها، وإلا أشيروا إلى امرأة واحدة منتقبة اقتربت من مكانة سميرة موسى أو سهير القلماوى أو أمينة السعيد أو عائشة راتب أو مئآت بل آلاف من نساء مصر المعاصرات اللاتى يرصعن حياتنا اليوم فى كل الميادين بلا استثناء، أما مبررات ودلالات موقف طلاب كلية دار العلوم الذى أشرت إليه سالفا فهو يثير بالقطع قضايا هامة تستحق الاهتمام و المناقشة الجادة.